كتابات وآراء


25 أغسطس, 2014 11:56:00 ص

كُتب بواسطة : عبد السلام بن عاطف جابر - ارشيف الكاتب


 

كتبت على صفحتي فيالفيسبوك رمضان الماضي النص التالي {سؤال أخلاقي : إذا عادت الكوادر الجنوبية للعملفي قطاعي الأمن والجيش في المحافظات والمديريات الجنوبية لخدمة المواطنين ، وحمايتهم، وتأمين طرقهم ، ومكافحة الجريمة ، ومنع انتشار المخدرات ، وحماية بناتنا من الاختطاف. والكوادر التي أعنيها فيهم ضباط وصف ضباط وأفراد من ناشطي الحراك . فهل هذا يعتبرتضحية وخدمة للوطن وجزء من العمل النضالي الجنوبي . . . أم أن ذلك يعتبر خيانة وتآمرعلى الجنوب والحراك الجنوبي ....؟ ولماذا تعتبر خيانة وتآمر ...؟ ولماذا تعتبر واجبوطني ..؟ } انتهى النص

 

وقد لاقى النص اعجابالكثير ، وعلق عليه الكثير ؛ أجمعوا على أنَّه واجب وطني ، بل قال أحدهم هو الثورةالحقيقية ؛ فالذي يكسبه المواطن البسيط من هذا الفعل أكثر بكثير من المسيرات والاعتصامات. . . ورغم تفاعل الكثير مع النص إلَّا أن الجميع لم يجيبوا على السؤال الملحق"ولماذا يعتبر واجب وطني..؟" والحقيقة أنَّ الإجابة على هذا السؤال تعتبرصعبة في وجود المزايدين باسم "التحرير والاستقلال"  بعضهم عن جهالة ، وبعضهم خالف تعرف ، وبعضهم مستفيدمن الوضع المنفلت والتسيب ، وبعضهم أبواق لمن يدفع ؛ والذي يدفع قد يكون عدو الشعبالجنوبي بعلم المزايد المرتزق أو بدون علمه .

 

وإجابة السؤال  في رأيي تبدأ بمعرفة سبب انطلاق الحراك ؛ فالحراكعندما انطلق رسمياً في ٢٠٠٧ لم ينطلق لاستعادة وظائف أشخاص طُرِدوا من وظائفهم . .. ولم ينطلق بسبب تمويل ورغبة دولة معادية لليمن تريد ارباك السلطة . . . ولم ينطلقلأن مجموعة تطمع في السلطة وتريد انتزاعها من صقور يمن مطلع ، أو تريد وجاهة ، أو مكانة. . . ولم ينطلق على خلفية مذهبية شافعية ضد الزيدية ، كما هو حال الحركة الحوثية-الزيدية- التي تريد استعادة المُلك الزيدي . . . ولم ينطلق على خلفية أيدلوجية إسلاميةأواشتراكية أو غيرها .

 

حقيقة انطلاق الحراكالجنوبي كانت إرادة شعبية في ضمير كل طبقات المجتمع الجنوبي ، وليست إرادة جماعة أوفئة  أو طبقة بعينها ، وهذه الإرادة الشعبيةنتاج حلم شعبي بحياة أفضل ؛ تتحقق فيها كرامة الشعب وأمنه واستقراره ، وتنمية وعدالةومساواة وإعلاء دولة القانون ومستقبل آمن للأجيال القادمة . . . وهذه الحياة الأفضل حاول شعبنا تحقيقها من خلال وحدة ٢٢ مايو١٩٩٠ ، لكنَّ الوحدة جاءت بحياة أكثر بؤس وشقاء واستعباد ومهانة من التي عاشها قبلالوحدة . . . ولم يعد أمام شعبنا من خيار لتحقيق الحرية والحياة الكريمة ومستقبل مشرقللأجيال القادمة غير فك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية وبنائها بفكر جديد يحققآماله .

 

وحتى يتم تحقيق ذلكليس من الوطنية والنضال تدمير البنية التحتية الموجودة حالياً ، وليس من الوطنية والنضالالمشاركة في تفشي الفساد والانفلات الأمني وعودة المجتمع إلى حياة الغاب ، بل ليس منالنضال الوقوف موقف المتفرج تحت شعار "لايعنينا" أو "هذه مهمة سلطةالاحتلال" . . . لا أيُّها الناس يعنينا ويعنينا ويعنينا ، فالحفاظ على ماهو باليدمن مكتسبات الشعب واجب وطني نضالي مقدس لا يحيد عنه إلَّا غبي أو مرتزق .

ومنذ شهر وأنا أُسائلالناس ؛ مواطنون عاديون ، وأكاديميون ، وقيادات ، ونشطاء ، وكان رأي الأغلبية الساحقةهو نفس رأي معلقي الفيسبوك "واجب وطني" وكنت أسأل كل فرد : هل أنت مستعدللقيام بهذا الواجب الوطني فكان رد أغلبيتهم : اتمنى ذلك ، ولكنِّي أخاف من المزايدينمعنا في الحراك فسوف يعلنون عليا الحرب تحت شعار "خائن وعميل وبيَّاع" ...! 

 

وفي رأيي الشخصيأنَّ هؤلاء ليسوا مناضلين ..! فالمناضل الحقيقي هو الصادق مع نفسه ومع شعبه ، وهو منيسعى لراحة الناس وخدمتهم في المنشط والمكره . ومن خرج في ٢٠٠٧ على استعمار صنعاء ولميخشى أزيز رصاصهم ودوي مدافعهم وظلمة سجونهم لا يمكن أن يخاف أو يحسب حساب لمزايد تافههنا أو هناك ، وقد قال الشاعر (لايقطع الرأس إلَّا من يركبها ، ولاتطيل المنايا كثرةالمال) . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات}كذلك هي الحرية لاتأتي بالمجاملات والرغبات ، بل بالاجتهاد والتضحية والصبر والتصبر، بذلك انتصرت الثورات عبر التاريخ ، بل حتى الرسالات السماوية كانت طريقها مليئة بالاغلبيةالرافضة والمعادية بادء الأمر ثم انتصرت 

 

فمن أجل هذا المواطنانطلق الحراك حتى أصبح ثورة ، ومن أجله ضحى الأبطال بحياتهم رخيصة ، ومن أجله تحمَّلالأبطال المعتقلات ، ومن أجله يجب على كل مناضل شريف العمل في أي مكان ، وعلى رأسهاحكومة الرئيس هادي . . . فإذا لم يقم المناضلون بهذه المهمة بشغل هذه الوظائف فسوفيقوم بها الفاسدون واللصوص أو عناصر حزب الاصلاح أو ذراعهم الإرهابي من القاعدة وأخواتها، وهذه الحالات الثلاث حدثت فعلياً في مناطق الجنوب ، وظلت القيادات تشتكي وتولول . . .

 

ختاماً أضع لكل قارئهذا السؤال ؛ عرِّف التحرير والاستقلال...؟ وكيف...؟