كتابات وآراء


16 أغسطس, 2014 10:27:00 م

كُتب بواسطة : عبد السلام بن عاطف جابر - ارشيف الكاتب


ما أن تغادر مدينة الحبيلين متجهاً إلى يافع حتى يبدأ تحدي البقاء ؛ فالطريق مدمَّرة مليئة بالحفر والمطبات ، إذا نجوت من حفرة وقعت في أخرى ؛ هي شبيهة بالحياة السياسية الجنوبية ، طريق مليئ بالحفر والمطبات لاتنتهي . . . وعندما تدخل يافع  تختفي حكومة الرئيس هادي بكل مظاهرها ، اختفاء تام لأنك في بلد المليون حكومة . فكل مواطن دولة وحكومة قائمة بذاتها وعليك أن تكون مثلهم حكومة مستقلة .

 

 

سألت الكثير من المواطنين عن الوضع ...؟ فاجتمع رأيهم على أن أجهزة الحكومة مغلقة ، ولاتقوم بأي دور خدمي للمواطن ، بل قال البعض أنَّها عمود التعطيل والفوضى والإفساد في الأرض ...! لم أجد رجل أمن في الطرقات إلَّا جندي مرور في سوق ١٤ اكتوبر -مديرية لبعوس- لا ينظم حركة المرور والسير ، بل ينظم حركة التسوّل بالزي الرسمي .

 

 

وفي مثل هذا الوضع بحثت عن مشايخ المكاتب ..؟ فلم أجد أحد ، جميعهم في بلاد الغربة وليس لهم أي ذكر أو عمل ، ياترى لماذا تشيَّخوا ...؟ .. عفواً ؛ كان في يافع شيخ هصور اسمه صالح بن غالب فقتله أحد أزلام النظام والقوم ينظرون . وعقلاء القوم من الشخصيات الاجتماعية المحترمة الوقورة ، غير موجودين ؛ فالبعض مات والبعض إنكفأ على نفسه واعتكف في بيته ولايكاد يبين...؟ أرهقتهم تهديدات سفهاء القوم من المناضلين والمرتزقة والقاعدة ومؤامرات بعض المشاهير المحسوبون على انصار الشريحة .وإذا بحثت عن الأكاديمين والمفكرين من أبناء المنطقة لاتجدهم ، جميعهم غادروها إلى عدن أو إلى الخارج ، وكأنَّهم ليسوا منها...! .. أمَّا خطباء المساجد فمازالوا في غيهم يعمهون ، فخطبهم على حالها "حسب تعليمات المراجع العظام" لحزب الاصلاح في صنعاء ، أمَّا حياة الناس اليومية ومشاكلهم فلاتسمع لهم قولاً و لانقلا .

 

 

باختصار ؛ لايوجد في يافع أي شكل من أشكال إدارة حياة المجتمع ، لا الشكل الرسمي المتمثل بالحكومة ، ولا الشكل التقليدي المتمثل بشيوخ القبائل والوجهاء ورجال الدين والمثقفين . . . ويبقى السكون وتوازي حركة الناس ضابط رئيسي للحياة اليومية للناس ، ويبقى توازن الرعب بين الأفراد هو المانع الوحيد لفرض إرادة شخص على آخر ، وهو الذي يضبط حركة الناس فيمنع التقاطع أو التعارض ويلزمهم البقاء في حالة الحركة المتوازية ...!

 

 

الوضع في يافع مؤامرة لاتخطأها عين الفاحص الزكين ، مؤامرة رسم خططها أقطاب سلطة صنعاء ، وينفذها ذراعهم الإرهابي وبعض سفهاء قومنا . هدفها ؛ تليين يافع كي تعصر ، فهي العمود الرئيسي للحراك الجنوبي . . . لكنَّ الله في يافع ، هو حارسها وحاميها من الوهن والضعف ، فما لانت للكسر ولا للعصر .

 

 

ختاماً ؛ أقول للرئيس هادي : إنَّ في مديريات يافع الثمان أكثر من مليون إنسان أنت مسؤولٌ عنهم ، فإذا لم يسائلك أحد في الدنيا فأعلم أنك ستسأل عنهم يوم القيامة . . . وأنصحه لوجه الله -إذا لم يكن جزء من اللعبة- بإعلان التخلي عن مديريات يافع رسمياً ، ووقف ميزانيات تشغيل الأجهزة الرسمية فيها ، ووقف كل رواتب رجال حكومته فيها ، فهم لايعملون ماينفع الناس مقابل الرواتب التي يتقاضونها ، فقد يكون أغلبهم مؤتمرين بأمر الرئيس صالح وباقي مراكز القوى ،  ولينفق تلك الأموال في مكان آخر ينتفع بها الناس . . . أمَّا إذا كان جزء من اللعبة فأقول له : أنفق كما تشاء ، وأجزل لهم العطاء ، فلايخاف كيد الكائدين من كان الله حسبه .

 

 

وقد قال الأولون لإمام اليمن (إنَّ يافع خلقها الله من سخطه على من حلَّ بهم غضبه) . . . وقد سمعت من الناس مايؤكد هذا القول ويثلج الصدر ؛ فالجميع يدركون مايحاك لهم ويدور حولهم ، وكيف يكون الرد عليه ولكن بشكل فردي . .فإذا كان الفعل الفردي ضعيف التأثير ، فإدراك الخطر بتفاصيله هو الأهم من المهم ، فمن يدرك الخطر لايخطأ في معرفة وسائل دفعه . وسوف تتوحد الجهود يوماً ما بمشيئة الله . فالله في يافع ومعها .