كتابات وآراء


27 نوفمبر, 2014 01:52:00 م

كُتب بواسطة : عبد السلام بن عاطف جابر - ارشيف الكاتب


أكد شعبنا العظيم  داخل ساحة الاعتصام عملياً أنَّه أنبل وأذكى وأعظم من قياداته ، تسامح وتصالح وتحاب وتآخى . . . شهر ونصف لم تحدث حالة اشتباك تستحق الذكر بين المعتصمين...!!! .. حضرت عدة خلافات بين أفراد من المعتصمين ، كانت عرضية ؛ ما أن تبدأ حتى تنتهي بمصافحة وتسامح ؛ وفي إحداها كنت شاهداً على جمهرة من الرجال من إحدى قبائل الجنوب ؛ يعنِّفون صاحبهم  وهو على حق ، لم يخطئ ، وألزموه  بالإعتذار لشخص من قبيلة أخرى وهو على باطل . . . لله الفضل والمنَّة  ما أعظم شعبنا ؛ وكيف جعلهم  الله رحماء بينهم...!!! تقاسمنا في الاعتصام رغيف الخبز ؛ تقاسمنا شربة الماء ؛ تقاسمنا الفراش والبلاط والثرى ..
 
واليوم نحن على بعد أيام  من ٣٠ نوفمبر ؛ والكل يسأل نفسه ويسأل من حوله ؛  هل نجح الاعتصام...؟ .. وماذا نفعل في ٣٠ نوفمبر...؟ .. وماذا يكون بعده...؟ 
الاعتصام  نجح والعالم كله يشهد بذلك ؛ وأثبتت طليعة الشعب -المعتصمون- قدرة شعبنا على  صناعة الفعل الثوري ، وقدرته على تجاوز كل المعوقات التي وضعها في طريقه العدو والمرجفون من العاجزين الفاشلين . . . نجح الشعب في اعتصامه بدون خطط أو إشراف نخبه القائدة . . . نجح الشعب لأنَّ الله معه ، فهو شعب مظلوم  وصابر  ،  ويريد الحرية التي لو استنهض كل أدواتها الكامنة فيه لحققها قبل ٣٠ نوفمبر .
ولذلك فالمطلوب من كل الجنوبيين الذين لم يشاركوا في الاعتصام ؛ الاحتشاد في ٣٠ نوفمبر ؛ للاحتفال السنوي بعيد الاستقلال ١٩٦٧ ، وللاحتفاء وتكريم إخوتهم المرابطين في ساحة الاعتصام . . . وحتى يكونوا شركاء في اتخاذ قرارات التصعيد في المرحلة الثانية ، أو قرار رفع الاعتصام والانتقال إلى فعل ثوري آخر أكثر تأثير .
أمَّا جواب السؤال ؛ وماذا بعد ٣٠ نوفمبر...؟
فالجواب مطلوب من قيادات الحراك ، فهم المسئولون أمام الله والشعب عن ذلك . . . وعلى كل مواطن يلتقي قيادياً في أي مكان سؤاله "ماذا بعد؟؟"
فالإجابة من وجهة نظري تتغير بتغير الطرف المتخذ القرار ؛
فإذا كانت قيادات الحراك -مالكة القرار الجنوبي حتى اليوم-  فلن يتغير شيء بعد ٣٠ كما كان قبله  "لاشيء جديد" . . . مع حرصهم الشديد على رفع الاعتصام بأي وسيلة . . . لماذا...؟ لأنَّ وضع القيادات لم يتغير "ليسوا تحت نفس الضغط الذي يقع على الشعب"  .. فهم في حياة مريحة ؛ أولادهم يتعلمون في أفضل المدارس والجامعات في الداخل والخارج ؛ وإذا انقطعت الكهرباء لديهم مواطير ؛ وإذا توقف البنزين لديهم سيارات تسير بالديزل . . . وعليه ؛ فلايوجد شيء ينشدونه من تغيير الوضع ، بل قد يكون دورهم توقيف أي شيء يدفع بالوضع المريح لهم إلى وضع جديد قد يخسرون بسببه ماهم فيه .
وإذا كان القرار بيد إدارة الاعتصام "اللجنة الإشرافية" ؛  كذلك لن يتغير شيء ؛ ولكنهم سيحرصون على بقاء الاعتصام إلى أطول فترة من الزمن . . . لماذا...؟ .. لأنَّهم غير معنيين بالقرار الثوري ؛ فمهمتهم تنحصر في حدود تنظيم الساحة  "من جولة بدر إلى جولة الأمن" ، والأكل والشرب ، وتنظيم الحفلات المسائية وخطبة الجمعة . . . وبالتالي فقرارهم مرتبط بأموال الداعمين ؛ فهي الشيء الوحيد الذي يفرض عليهم رفع الاعتصام .
أمَّا إذا كان القرار بيد الداعمين ؛ فهؤلاء لاقرار لهم ؛ كل مايحملونه مجرَّد آمال وأحلام بالتحرير والاستقلال ، ويعتبرون أنفسهم مواطنين ليس لهم بالقرار شيء .
والحالات الثلاث ليست وضع صحيح ؛ ولا في مصلحة الشعب الجنوبي ، ولامصلحة الثورة الجنوبية ، وقد تكون العواقب سلبية بالكلية .
وقد يقول قائل الشعب هو صاحب القرار ...!! وهذا القول يُراد به تمييع المسئولية وإبقاء الحال كما هو عليه ، فالشعب بالملايين فمن منهم يتخذ القرار ، ومن منهم يضع الخطة ، ومن منهم يقود مهمة التنفيذ . . . وإذا استمر تكرار شعار "القرار للشعب" فهو تخدير وتنويم مغناطيسي للشعب ؛ يقتل الهمَّة والإرادة ؛ واستمرار جعل الحشود الشعبية تدور حول نفسها حتى تمل وتتفرق وتعود إلى بيوتها مرة وراء أخرى .
إنَّ أفضل هدف يضعه الشعب الجنوبي لما بعد ٣٠ نوفمبر هو "اختيار قيادة جنوبية مؤقتة من داخل الساحة" ، ووضع مدى زمني لتفعيل هذه القيادة وتحديد الأهداف التي تكلف هذه القيادة بتحقيقها . . . ويمكن خلق هذه القيادة خلال ساعات عن طريق استنهاض جزء من النخبة الصامتة ؛ والتي أسميتها "القوة الخفية" وهم ؛ شيوخ القبائل والأكاديميين "وهم معتصمون"  فهم من يستطيعون تشكيل قيادة تقليدية موازية للقيادة السياسية ؛ قيادة كفوءة ، قادرة ، تمتلك أدوات حشد جيش الشعب ، فالشعب كلُّه جيش .
حينها يكون خلف النقابات العمَّالية من يُثبِّت إنجازاتها الميدانية ويحميها .
فإلى الملتقى بإذن الله في ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤ ؛ نصطف لنرى أيُّنا يُطيّب ثرى الوطن بعرقه ودموعه ودمائه ، فالأوطان تشتاق لهذه الدموع والعرق والدماء .