أخبار الإقليم

19 يوليه, 2015 12:06:14 ص

اقليم عدن / خاص:


دخل اليمن مرحلة جديدة من التطورات السياسية والعسكرية، وذلك عقب تحرير مدينة عدن، بصورة كاملة، من ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، وكان اليمن وصل إلى طريق مسدود قبل عملية «السهم الذهبي» التي دحرت تلك الميليشيات من عدن، بعد أن باتت مدمرة جراء تلك التطورات، مثلت عملية تحرير عدن تطورا مهما في مجرى التطورات في الساحة اليمنية، بعد أن كانت الأعمال العسكرية تراوح مكانها، حيث لم يكن أي طرف، من طرفي الصراع، قادرا على تحقيق تقدم يذكر، قبل هذه العملية، التي نفذتها القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي والمقاومة الشعبية، بدعم كبير من قبل قوات التحالف، وفي هذا السياق، تتسع رقعة الرفض الشعبي للميليشيات الحوثية، بدليل اتساع رقعة عمليات المقاومة في كثير من المحافظات، وبينها العاصمة صنعاء، وتضم هذه المقاومة مقاتلين من قوى سياسية وقبلية واجتماعية، يرفضون الانقلاب وسيطرة الحوثيين على زمام السلطة لأسباب كثيرة، منها ما يتعلق بعدم شرعية ما أقدم عليه الحوثيون وعدم الانصياع لحكم فئة مذهبية على كافة التراب اليمني، وكذا رفض الكثير من القوى للتدخلات الخارجية والهيمنة الإيرانية على اليمن، من خلال جماعة الحوثي، التي لم يعد هناك أدنى شك في ارتباطها الوثيق بإيران، والطرف الآخر في الصراع، وهم الميليشيات الحوثية وجناحها السياسي حركة «أنصار الله» الحوثية وزعيم الميليشيات، عبد الملك بدر الدين الحوثي، والقوات العسكرية المتمردة على الشرعية الدستورية والموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.


 


ومن خلال استعراض مجريات التطورات الميدانية، في الوقت الحالي وما سبقها من تصعيد سياسي وإعلامي وتحركات ميدانية غير معلنة، يتضح أن الحكومة اليمنية وقوات التحالف والمقاومة، درست، بشكل جيد، إمكانات المتمردين الحوثيين وتحركاتهم وأهدافهم، خلال الأشهر الماضية، التي بينت أن هذه الحرب كان يجري التحضير لها من قبل الحوثيين وصالح منذ فترة طويلة وتستهدف، بدرجة رئيسية، جنوب البلاد وتعز ومأرب وباقي المناطق التي كان الحوثيون يعرفون تماما أنها لن تخضع لهم بسهولة، ولذلك، وحتى اللحظة، لم يستطع الحوثيون حسم المعركة في عدن واندحروا منها، وكذا تعز ومأرب، حيث يجدون مقاومة شرسة من كافة القوى المحلية التي تحالفت لمواجهة ما يصفونه بالتعبير الدارج بـ«غزو الحوافيش»، أي ميليشيات الحوثي وقوات علي صالح ولقب عائلته «عفاش»، هذا عوضا عن أن هذه القوات المتحالفة والغازية، لحقت بها هزيمة نكراء في محافظة الضالع الجنوبية التي أجبرتهم على الانسحاب من عاصمة المحافظة، حتى قبل أن يسيطروا عليها بشكل كاملة، نحو المناطق الحدودية السابقة بين شطري البلاد، الشمالي والجنوبي، وتحديدا في منطقة سناح، التي تشهد المواجهات، في الوقت الراهن بمحافظة الضالع وهي (سناح) كانت منطقة ومنفذا حدوديا بين الشمال والجنوب قبل قيام الوحدة اليمنية عام 1990، وما زالت المواجهات في تلك المناطق الجنوبية وفي تعز ومأرب والبيضاء والضالع، هي عبارة عن عمليات كر وفر، ولم يستطع الحوثيون السيطرة ووضع القوى المحلية ودول المنطقة والعالم أمام «الأمر الواقع»، فيما تصمد المقاومة الشعبية أمام القوات المهاجمة.


 


وبحسب المراقبين في الساحة اليمنية، فإن أبرز إنجازات وحسنات تدخل دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، هي الحد من الاندفاع الشره لميلشيات الحوثيين وقوات صالح نحو ابتلاع كافة المحافظات اليمنية وإخضاعها لسيطرتهم، وكشفها عن المخزون الهائل من الأسلحة والذخائر التي كدسها صالح خلال عقود حكمه التي تجاوزت الثلاثة، في كثير من المناطق والمحافظات، وبالأخص في العاصمة صنعاء، حيث فوجئ المواطنون اليمنيون بأن كافة الجبال المحيطة بالعاصمة هي عبارة عن معسكرات غير رسمية ومخازن سرية لترسانة مهولة من السلاح والذخيرة، ويؤكد سياسيون يمنيون أن التدخل البري، وإن كان من قوات يمنية مدربة، في عدن أنجز المهم بسرعة فائقة، ويشدد المراقبون على صحة الطروحات السابقة بأن عمليات قوات التحالف الجوية لا تكفي لدحر هذه الميليشيات، بل إن هناك من يشدد على مطالب ملحة ومتواصلة بضرورة تدخل بري سريع وعاجل، بعد عدن، في جبهات قتالية أخرى، ويقول نجيب غلاب، رئيس منتدى الجزيرة والخليج للدراسات لـ«الشرق الأوسط» إن بنكالأهداف تم ضربها وجناحي الانقلاب في حالة رعب من الضربات التي أفشلت مشروعهم وحاصرته وخففت اندفاعاتهم في إخضاع الشعب وما زالت تسند المقاومة وتستنزف قوتهم وأصبحت القيادات في دائرة الاستهداف وهذا أنتج حصارا وضغطا عليهم»، ويضيف أن «الطيران ليس إلا أداة في هذه الحرب وهناك خطط تتحرك وتنمو لإنهاء الانقلاب وتفكيك الميليشيات ولن تتوقف الحرب إلا بتطبيق مقررات مجلس الأمن باعتبارها الحل الوحيد لتحقيق السلام في اليمن».


 


ويرى المراقبون أن التطورات التي جرت في عدن، غيرت وقلبت الكثير من الموازين، فيما يتعلق بالحوار أو التسوية السياسية والمساعي الأممية في هذا الاتجاه، ويقول نجيب غلاب إن «جناحي الانقلاب لن يتمكنا من فرض أي سيطرة ووصل مشروعهم الانقلابي إلى فشل تام وكل الطرق لأي نصر مسدودة، والتناقضات الداخلية في صنعاء أصبحت مشكلة في تقديم التنازلات وأصبحت الحرب الدائمة حلا لتأجيل الصراع بين أطراف الانقلاب وكلما استمرت حربهم تم استنزافهم ويراهنون على المأساة الإنسانية كعامل إنقاذ لهم، فاليمن تحول إلى رهينة بأيدي قوى بلا أمل في النجاة، كما يراهنون على عقد صفقات إلا أن الثقة منعدمة بعد تخريبهم للعملية السياسية وعجزهم عن إدارةالدولة، ووجود رفض شعبي، ليست المقاومة الشعبية إلا أبرز وجوده هذا الرفض، أما الكتل الشعبية الصامتة، التي يعتقد الحوثيون أنها بيئة حاضنة، فتنتظر انكسار شوكة الميليشيات لتعبر عن غضبها ولتحرير نفسها من هذه الجائحة الخبيثة التي دمرت الدولة والتعايش الوطني وأدخلت الشعب في حروب عبثية نتائجها كارثية على اليمن دولة ومجتمع».


 


وفي ضوء التطورات الجديدة، يراهن كثيرون على الحسم العسكري، وقال فؤاد راشد، أمين سر المجلس الأعلى للحراك الجنوبي في اليمن إنهم متفائلون «في الجنوب بحسم المعركة في الفترة المقبلة، ربما تطول قليلا بسب عدم التكافؤ، وذلك من خلال تجهيز الدفع العسكرية الجنوبية المتدربة، ولا سيما أن الأرض تقاتل معنا غريبا يهدد هويتها ويشهر الموت في وجوه أهلها»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن التدخل العربي من خلال عاصفة الحزم وإعادة الأمل حقيقة أنقذ شعب الجنوب من إبادة كاملة واقعة قاب قوسين أو أدنى كما أنه أربك العدو وأوقف تقدمه البشري الهائل ودمر كامل عتاده العسكري وشعب الجنوب لن ينسى للتحالف وبالأخص المملكة العربية السعودية دورها القومي والإنساني في ترؤسها التحالف لوقف عدوان الميلشيات ضد الجنوب والأبرياء من الناس في الشمال على حد سواء»، ويؤكد أن «المؤشرات الحالية حسب قراءتنا لها، بالإضافة إلى مصادر معلوماتنا تؤكد أن ميلشيات الحوثي وعلي صالح في حالة ضعف شديدة وانهيار كامل وعلى المدى القريب ستنهزم في باقي محافظات الجنوب».


 


هذا ويلمس المواطن اليمني العادي، نوعا من التساهل والتراخي الغربي مع جماعة الحوثي، رغم شعاراتها التي تدعو بالموت لأميركا وإسرائيل واتهامها الدائم للولايات المتحدة بالمشاركة في القصف الذي تنفذه قوات التحالف، وهنا يقول نجيب غلاب إن «القراءات الغربية وبالذات الأميركية للمسألة اليمنية وكذلك قراءات الأمم المتحدة، فيها خلل وليس هذا الفشل إلا نتاجا للأخطاء الأميركية وتوظيف الأمم المتحدة لتنفيذ أجندات لا علاقة لها بالسلام ولا بالمصالح اليمنية ومن يتابع طريقتهم من بداية 2011، حتى اللحظة، سيجد أنهم جزء من المشكلة وعائق أساسي أمام التغيير، وكلما تم تجريف العملية السياسية لا نجد أي أعمال أو مبادرات لحمايتها وإنما التورط في دعم وتشجيع القوى التي تخرب الانتقال السياسي»، ويؤكد الباحث اليمني غلاب أن التحالف العربي «هو القوة الضاغطة لتعديل تلك السياسات التي ما زالت فاعلة ولم تستوعب أخطاءها»، وأنه «لا خيار أمام التحالف العربي والحكومة الشرعية إلا البناء على الإنجازات التي تم تحقيقها والوصول بها إلى مآلاتها النهائية حتى نتمكن من تحرير اليمن وإنقاذه»، ثم يعبر عن اعتقاده بأن القرار الأممي (2216)، يمثل «منطلقا للحل وفي حالة إصرار جناحي الانقلاب على إعاقته فإن الخيارات ستظل مفتوحة ولدى التحالف العربي فائض قوة دبلوماسية ومالية وعسكرية وإنجازات لتفعيل القرار وتدعيمه بقرارات أخرى لإنجاز المهمة».


(الشرق الاوسط)