أخبار الإقليم

02 أبريل, 2015 12:09:58 ص

إقليم عدن/ مصطفى أبو عمشة  :


في ظل تسارع الأحداث السياسية في المنطقة، وعلى رأسها ما يجري في سوريا والعراق، وأخيراً باليمن؛ ترتفع بعض الأصوات وتقول إنّ ما يجري من أحداث في اليمن ما هو إلا نذير إرهاصات ومقدمات لأحداث كبرى ستتحقق في المنطقة، وستؤدي إلى قلب موازين القوى، وهذا ما تؤمن به جماعة "الحوثيين" في اليمن.


 


ويحاول أتباع الحوثي تسويق نبوءات وادعاءات، تمهد لخروج المسيح والإمام الغائب، والتي ستنتقل معها الأمة إلى مرحلة جديدة.


 


وتعد شخصية عبد الملك الحوثي، قائد جماعة "أنصار الله"، أهم علامة في فكر بعض مرجعيات الشيعة، إضافة إلى عامتهم، معتبرين أنّ شخصية أحمد الحسن اليماني تتمثل في الحوثي؛ سواء كان ذلك في مساره أم صفاته أم تحركاته، حيث يعتمدون في هذا الإسقاط على بعض الأحاديث الواردة عن مرجعيات أهل البيت، وهي تؤكد- بحسب رؤيتهم- حتمية حدوث هذه الثورة الممهدة لدولة الإمام المهدي الغائب.


 


وتشير الروايات التي يستشهدون بها إلى حدوث هذه الثورة في السنة نفسها التي يخرج فيها السفياني، مستشهدين بما ورد في أحد كتبهم المسمى بـ"البحار"، عن أبي عبد الله الصادق قال: "خمس قبل قيام القائم عليه السلام: اليماني والسفياني والمنادي ينادي من السماء وخسف بالبيداء وقتل النفس الزكية".


 


كما يعتمد الحوثيون، ومن دار حولهم- في إسقاط شخصية اليماني على عبد الملك الحوثي- على ما ورد في كتاب "بشارة الإسلام" الذي يقول: "ثم يخرج ملك من صنعاء اسمه من الأسماء متعبد لله، فيذهب بخروجه غمر الفتن، يظهر مباركاً"، معتقدين بأنّ الأحداث التي تحدث في اليمن يحركها هذا القائد الشاب الشيعي المتمثل في شخص الحوثي، فما يجري الآن على الأرض هي علامات لظهور اليماني "الحوثي"، خصوصاً عندما استطاعت الجماعة السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء، والتي اعتبرت علامة مهمة لانتصاراته على خصومه.


 


الحوثي الذي يبلغ من العمر 40 عاماً تقريباً، هو من مواليد محافظة صعدة، الواقعة على مسافة 240 كم إلى الشمال من العاصمة صنعاء، ووالده بدر الدين الحوثي، وهو أحد أبرز المراجع الدينية في اليمن، سبق أن دخل في خلاف شديد مع علماء الزيدية المناهضين لخط الإمامة الاثنا عشرية، وعارض باجتهاداته العلمية بشدة فتوى علماء الزيدية التاريخية، قبل عدة سنوات.


 


ويُعرف عن بدر الدين الحوثي، الذي يلقب "بالعلامة" في اليمن كلقب ديني، مخالفته لكثير من مراجع الزيدية في اليمن، بالنسبة للموقف من الإمامية الاثنا عشرية، إذ يعتقد بالتقارب بين الزيديّة والإمامية الجعفرية، بل يرى الاتفاق بينهما في الأصول المهمة.


 


* رواسب وخرافات لا تزال عالقة


 


وفي هذا السياق يرى الداعية والناشط السياسي السعودي المعروف، الشيخ محسن العواجي، أنّ الفرس بعد أن دخلوا في الإسلام لم يتخلصوا من كثير من البقايا والخرافات التي علقت في عقولهم وأذهانهم، إذ إنّ عالم الخرافة كان من أيام "كورش الأخميني" أو "قورش الكبير" مؤسس الدولة الأخمينية، الذي عاش في القرن الـ6 قبل الميلاد، وقبل ذلك تأثير ما يعرف بالديانة الزرداشتية على فارس، نسبة إلى زرادشت نبي الديانة الزرادشتية، حيث كان هناك إلهان إله الخير وإله الشر.


 


ويتابع العواجي، في تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين": "هكذا بقيت الخرافة عالقة في عقول الفرس حتى ظهر الإسلام، حيث إنّ الخرافة الفارسية هي أشبه بالخرافة المسيحية حول معركة هرمجدون، وتعتقد المسيحية الحديثة بأنّ هناك معركة يجب أن تقوم في فلسطين وحول نهر الأردن ويقتل اليهود فيها، لذلك تدعم أمريكا وتشجع هجرة اليهود للمجيء إلى فلسطين".


 


وأكد أنّ إيران ومرجعياتها تأثرت واعتمدت على مبدأ الخرافة لترويج مشروعها، حيث إنّ كثيراً من عوامها مضللون من قبل مرجعياتهم الدينية لتحقيق أهداف سياسية.


 


ويرى العواجي أنّ إيران تستفيد من سطحية العوام؛ إذ كان الخميني يعتمد على خطاب التبشير بالجنة لكل من يقاتل جنود صدام حسين، مهيباً بعامة الشيعة عدم الإنصات إلى كل ما تقوله مرجعياتهم، ولا الالتفات إلى خرافات وأكاذيب فيها ادعاء لعلم الغيب، مشدداً على أنّ علم الغيب لا ينبغي أن يتحدث به أحد من البشر إلا ما جاء به الله ورسوله.


 


* الخرافة تسهم في تغذية الصراعات


 


من جانبه، يوافق الأمين العام لرابطة علماء المسلمين، د.عبد المحسن المطيري، على ما طرحه العواجي في حديثه، مؤكداً بأنّ الخرافة لها الأثر الكبير في تعزيز الصراع وتغذيته، كأن ينادي هؤلاء الحوثيون بما يسمونها بشارة حكم الجزيرة العربية وبلاد الحرمين، وبأنّ الخراساني واليماني سيأتي ناصراً لهم، مشدداً على أنّ مثل هذه الأطروحات من شأنها أن تؤدي إلى تأجيج الصراعات بين السنة والشيعة في المنطقة.


 


وحول تنزيل كثير من عوام الشيعة، وعلى رأسهم الحوثيون، النصوص الشرعية على الواقع، يرى المطيري، في تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، بأنّ تنزيل هذه النصوص الشرعية بحد ذاته يعتبر إشكالية؛ فالأحاديث التي يستندون إليها هي أحاديث مكذوبة، لا أساس لها من الصحة.


 


ولفت إلى أنّ الإشكالية الأخرى تكمن في إسقاط هذه الأحاديث والنصوص الشرعية في غير المكان الصحيح، ومن ثم يجعلون خلافهم مع الآخرين خلافاً دينياً بحتاً، مضيفاً بأنّ عوام الشيعة مدجنون على اتباع مرجعياتهم من دون اعتراض ولا نقاش؛ لأنّ هذا يعدّ ردةً عن الدين.


 


ويشدد المطيري على أنّ المرجعيات في إيران وفي اليمن يتلاعبون بالعوام لأجل تحقيق مآرب سياسية ومصالح ذاتية، تتمثل بالدرجة الأولى في إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية، مشيراً إلى أنّ الحوزات العلمية تعمل على تخريج المرجعيات الدينية، التي بدورها تغذي الحسينيات التي يرتادها العوام؛ لأجل تصدير خطاب ديني يقوم بتأجيج مشاعر العوام وإلهابها.


"الخليج أونلاين"