أخبار الإقليم

01 فبراير, 2015 09:49:09 ص


اقليم عدن / الحقيقة/ خاص :

في منتصف ليل يوم الاثنين الـ26 من يناير 2015م , قطع محتجون من الحراك الجنوبي الطريق الواصلة بين مدينتي خور مكسر  وكريتر , ليتحرك طقم عسكري من قوات الأمن اليمني إلى المكان بغية قمع أولئك الفتية , وهو ما دفع اللجان الشعبية للتحرك إلى الموقع لفض الاشتباك بين المحتجين وقوات الأمن.


يقول شهود عيان أن جنوداً من الأمن اليمني أطلقوا النار على اللجان الشعبية مما أسفر عن إصابة الخضر بن غرامة العوذلي بطلق ناري في البطن , ليقوم زملائه بإطلاق النار ناحية جنود الأمن ليسفر عن مصرع جنديين وأسر آخرين , ليتوتر الوضع بين اللجان الشعبية.


سيطرة فعلية


وتمكنت اللجان الشعبية من السيطرة على المدينة الساحلية بشكل كلي وأقامت نقاط تفتيش على مداخلها وشوارعها الرئيسية، كما قامت بالسيطرة على مطار عدن الدولي والمؤسسات الحكومية بالكامل ورفعت فيهما علم الجنوب، في ظل قيام القوات الأمنية بمساندتها في ذلك.


وكانت اللجنة الأمنية التابعة لإقليم عدن والذي يظم محافظات (عدن - لحج - أبين - الضالع) قد أعلنت تمسكها بالنظام والشرعية الدستورية ووحدة وأمن وسلامة الجمهورية اليمنية بالإضافة إلى تمسكها بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني، ومسودة دستور جمهورية اليمن الاتحادية وبالأقاليم كشرط من شروط انتظام واستكمال المرحلة الانتقالية بكل أشكالها. ودانت اللجنة الأمنية، في بيان لها، جميع مظاهر وأشكال الانقلاب العسكري الذي تمارسه ميليشيات الحوثي بالعاصمة صنعاء منذ 19 من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، كما أدانت قطع بث قناة عدن الفضائية وتحويل بثها لقناة اليمن في صنعاء بعد استيلاء مسلحي الحوثي عليها، وأعلنت اللجنة الأمنية في بيانها، رفع الجاهزية القتالية واليقظة الأمنية لدى الأجهزة العسكرية والأمنية واللجان الشعبية في الإقليم للتصدي لأي أعمال إرهابية وتوفير ضمان أمن واستقرار المواطنين وحماية المؤسسات العامة والخاصة، بالإضافة إلى التنسيق في جميع الأداء العسكري والأمني واللوجيستي في المهام بإقليم عدن وعدم استلام التوجيهات إلا من قائد المنطقة العسكرية الرابعة المرابطة في نفس المدينة.
ووفقا لمصادر محلية في محافظة شبوة بجنوب شرقي اليمن فإن مسلحي اللجان الشعبية الجنوبية المؤيدين للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي بسطوا، أمس، يحكمون سيطرتهم على المحافظة النفطية بعد بسط السيطرة على إقليم عدن، وجاءت التطورات في صنعاء التي سيطر الحوثيون عليها ومناطق شمال البلاد بالقوة، لتعطي فرصة للجنوبيين لفرض مطلبهم بالاستقلال أو الانفصال الذي يطالبون به منذ أكثر من عقد من الزمن.


ومنذ الخميس الماضي، أوقف الحوثيون عبر التحكم المركزي في صنعاء، بث قناة عدن التي تبث من عدن والتي تعد من أقدم محطات التلفزة في الجزيرة العربية، وجرى ربطها ببث التلفزيون الرسمي بصنعاء الذي بات يبث برامجه عبر تلفزيون عدن وهي البرامج المؤيدة للحوثيين المسيطرين على كافة وسائل الإعلام الرسمية المقروءة والمسموعة والمرئية، في صنعاء، غير أن ما علق عليه المراقبون، في هذا السياق، هو أن تلفزيون عدن المختطف من قبل الحوثيين بات يبث الأذان مع إضافة عبارة «حي على خير العمل»، التي لا تستخدم سوى في تلفزيون صنعاء وتستخدم في بعض المساجد القديمة في صنعاء من قبل أبناء الطائفة الزيدية - الشيعية، وقد اعتبر المراقبون أن «القرصنة على القناة الجنوبية وصبغها بالصبغة الطائفية والمذهبية، أمر خطير ويثبت مشروع الحوثيين الذي لا ينظر سوى إلى أكثر من أبعد من مذهبه الذي يريد أن يحكم به كل اليمن».


من هي اللجان الشعبية ؟


منذ حرب اجتياح الجنوب دفع رئيس النظام اليمني المخلوع بعصابات مسلحة إلى البلاد بهدف إرباك المشهد الجنوبي الذي كان ينتفض ضد حكمه وقواته في بلادهم , التي اجتاحتها في منتصف تسعينات القرن الماضي.


وكانت مدينة لودر بأبين احد مدن المحافظة التي تضررت من وجود عناصر الجيش والأمن وكذا العناصر المسلحة المرتبطة بالقاعدة , مما دفع مؤسس اللجان الشعبية توفيق حوس إلى تشكيل لجان شعبية بهدف تسيير أمور المدينة في ظل عدم استطاعة الأجهزة الأمنية في المدينة من القيام بواجبها.


خرج حوس - وهو شاب عاطل عن العمل- , إلى العناصر المسلحة وطلب منهم مغادرة لودر أو عدم تنفيذ أي اعتداءات في المدينة , وهو الاتفاق الذي استمر أيام قبل أن تقوم عناصر بالاعتداء على جنود أمن في العام 2010, ليندفع حوس عقبها لمواجهة العناصر المسلحة , لتتمكن اللجان حينها من إخراج تلك العناصر إلى خارج مدينة لودر , لينتقوا للعيش في بلدة جعار القريبة.


وفي مايو من العام 2011م , سقطت زنجبار بيد عناصر أنصار الشريعة - وهو الاسم الذي اتخذوه لاحقا- ليشرد أهالي المدينة إلى عدن ولحج كنازحين.


وخاضت قوات الجيش معارك صورية ضد القاعدة استمرت لأكثر من عامين , لكنها فشلت في الانتصار على عناصر أنصار الشريعة.


وألحقت تلك العناصر خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد تكبدها الجيش اليمني , لكن لم يحقق اي انتصارات.


 في الـ9 من أبريل صحي سكان مدينة لودر على أصوات اشتباكات جنوب المدينة بين العناصر المسلحة وقوات الجيش المرابطة عند الكهرباء , ليخرج أهالي المدينة بأسلحته ناحية الكهرباء لمواجهة العناصر المسلحة لينسحب افراد الجيش ويتركون مسلحين من أبناء المدينة في مواجهة تلك العناصر.


وحاصرت المدينة العناصر المسلحة من ثلاث جهات , جبل يسوف من جهة الشرق , وجبل الحمراء من جهة الغرب , الكهرباء من جهة الجنوب , وتمكنت اللجان من صد الهجوم لتسفر المواجهات عن استشهاد نحو 120 شابا من أبناء القبائل الذي توافدوا في الايام الأولى للحرب التي استمرت قرابة 60 يوما , تمكنت اللجان الشعبية عقبها من تحرير المدينة وطردهم ناحية زنجبار.


 وتعهدت القبائل عقب ذلك على تحرير زنجبار وجعار من تلك العناصر لتتحرك قوات من المسلحين القبليين ناحية زنجبار وجعار ليتمكنوا بعد مواجهة محدود مع العناصر في شقرة , ومن ثم زنجبار وجعار.


 وقالت قيادات في اللجان الشعبية , أن معكرته ضد عناصر أنصار الشريعة قد كشفت الوجه الحقيقي لتلك للعناصر المسلحة , بأنها مجرد أدوات في يد علي عبدالله صالح ومليشيات علي محسن الأحمر".


 وعقب ذلك الانتصار تداعت مدن جنوبية أخرى لتشكيل لجان شعبية مهمتها تأمين مناطق الجنوب ونجحت التجربة في عديد من المدن من بينها لحج وشبوة وعدن.


دخول اللجان الشعبية إلى عدن


دخلت اللجان الشعبية إلى مدينة عدن بغية تأمين مرتين كانت الاول عند سقوط صنعاء بيد مليشيات الحوثي في سبتمبر 2014م , لكنها سرعان ما عادت إلى أبين ولحج وشبوة.


 وعقب تنفيذ الانقلاب على هادي تداعت اللجان الشعبية مرة أخرى وهبت للتأمين مدينة عدن , لتسيطر على كل المرافق الحكومية والأمنية.


 لكن هذه المرة كانت اللجان الشعبية أقوى من السابق  , حيث استطاع مقاتلوها من اعتقال جنود من قوات الأمن الخاصة قالت عناصر في اللجان الشعبية أنهم قاموا بحركات استفزازية لهم في مدينة المعلا.


مطالبات بضم أبناء عدن


يقول حسين الوحيشي، رئيس عمليات اللجان الشعبية بمحافظة أبين، إن وجودهم في عدن جاء باتفاق مع اللجنة الأمنية في المحافظة، ويأتي لحماية منشآت ومقدرات المحافظة من تسلل الحوثيين إليها وعناصر تنظيم القاعدة، ولن تكون اللجان الشعبية يوما ما بديلة عن القوات الحكومية من جيش وأمن.


وأشار الوحيشي، إلى أن جميع خطوات اللجان الشعبية للسيطرة على المرافق ومؤسسات الدولة في عدن، تأتي بالتنسيق مع اللجنة الأمنية، مؤكدا أن اللجنة الأمنية لجأت إليهم بعد أحداث صنعاء التي حاصر خلالها الحوثيون منزل الرئيس هادي ودار الرئاسة.


وطالب رئيس عمليات اللجان الشعبية بأبين بضم 2000 شخص من أبناء عدن إلى اللجان الشعبية كحد أدنى، لأن بإمكانهم تذليل الصعوبات التي تواجهها اللجان الشعبية في عدن، من خلال معرفة كل شخص منهم بمنطقته ومديريته، ويستطيعون تعريفنا إلى الأشخاص اللذين لا نعرفهم ولا نعرف ثقلهم.


يعتقد الصحافي حسين حنشي أن عدن لم تكن بحاجة للاستعانة باللجان الشعبية القادمة من محافظات أخرى، لأن "الأمن لم ينهار في عدن ولم تكن هناك حاجة لتعزيز أهلي للأمن، إلى جانب أن هنالك أكثر من 1200 شاب من أبناء المدينة كانوا ضمن تشكيل أهلي مماثل كلجان شعبية من أبناء المدينة وكان الأحرى تفعيل دورهم لا جلب لجان من الخارج".


وشدد حنشي على ضرورة أن يتم دمج أبناء عدن في اللجان الشعبية مؤقتا إلى أن يتم تسليمهم مدينتهم، كما يرى أنه من الضرورة ضم شباب الحراك الجنوبي إلى اللجان الشعبية من كل محافظات الجنوب درءاً لأي صراع مناطقي قد يحدث.


من جانبه، يرى  رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والإعلام باسم الشعبي، أن اللجان الشعبية جاءت ضمن معطيات ناتجة عن المشهد السياسي المتغير في صنعاء، وأهم هذه المعطيات هو التضامن مع الرئيس هادي والقيادات الجنوبية الواقعة تحت الإقامة الجبرية بصنعاء ولإيصال رسائل لحركة الحوثي وحلفائها، مفادها أن ما حدث لهادي وحكومته مدان بكل العبارات ناهيك عن الاصطفاف الجهوي الذي خلقته الأحداث وتوطيف الجنوب كورقة ضغط في هذا الجانب.


وفي تعليقه على الأحداث التي شهدتها عدن مؤخرا من اشتباكات مسلحة بين اللجان الشعبية وقوات الأمن الخاص - الأمن المركزي سابقا - قال الشعبي "الأجهزة الأمنية التي تدار من صنعاء لن تسمح لاي ادوات جنوبية قرارها جنوبي تاخذ مكانها على الارض هناك مخاوف من سيطرة الجنوبيين على الجنوب واعلان فك الارتباط لذلك سيحدث الاحتكاك وهو طبيعي جدا".


وأشار إلى أن تجربه تجربة اللجان الشعبية في الجنوب تجربة ناجحة متمنيا أن تنجح اللجان الشعبية في عدن في مهامها لتنال رضى الناس واشدد على ضرورة اشراك عدن ومناطق الجنوب الاخرى في اللجان الشعبية بحيث لا تكون هذه اللجان مقسورة على منطقة معينة او فصيل سياسي واحد وان تشكل لها قيادة عليا للاشراف على عملها على الارض بتوافق الجميع وان توضع لها مهام محددة امنية بحيث لا تتدخل في الجانب المدني او الاداري لان هناك لجان مدنية اخرى ستتولى هذا الجانب بحسب ما ورد في رؤية الشباب التي اطلقوها في يونيو٢٠١١ والتي على اساسها تشكلت اللجان الشعبية.


لصالح من تعمل هذه اللجان ؟


منذ وصولها إلى مدينة عدن كثر الحديث عن اللجان الشعبية , حيث ذهب البعض إلى انتقادها باعتبار أنها محصورة على محافظات , وأنه لم يشرك أبناء عدن فيها , وهو ما دفع اللجان إلى الترحيب بفكرة تسجيل إفراد من شباب عدن في اللجان الشعبية , لكن البعض استمر في انتقاده للجان بطريقة غير مبررة , وهو ما دفع شباب من مدينة عدن للرد عليه , وتأكيد ان اللجان الشعبية هي جنوبية خالصة وهدفها تحرير الجنوب من الاحتلال الشمالي.


وتمكنت اللجان الشعبية من الحفاظ على مقومات الدولة في الجنوب في الوقت الذي فشلت فيه مليشيات الحوثي في صنعاء على الرغم من امتلاكها أسلحة ضخة وأموال طائلة , لكن دون جدوى.


 يقول عدد من أعضاء اللجان الشعبية أن وصولهم إلى عدن أتي عقب ورود معلومات أن الحوثي يريد إسقاط المدينة , وهو ما دفع اللجان الى الوصول والدفاع عن المدينة .


لماذا يتم محاربتها؟


يتهم البعض أن اللجان الشعبية في مدينة عدن من اجل هادي , لكن في الحقيقة كما يقول قادة فيها هي من أجل الحفاظ على أمن واستقرار العاصمة , وليسوا خدمة لأحد , واستطاعت تلك اللجان أن تخرس السنة البعض , من خلال فتح التسجيل لكل من يرغب من أبناء عدن الالتحاق باللجان.


وكشفت مصادر مطلعة ان من يقوم بمحاربة اللجان الشعبية في عدن هي عناصر مأجورة تقف خلفها قيادات في جماعة الحوثي , والمطالبة بالشراكة مع الحوثي وهو ما دفع اللجان للرد بقوة على تلك الدعاوي.


وتبقى اللجان الشعبية هي نواة جيش الجنوب القادم , حيث انها تضم في صفوفها قيادات عسكرية بارزة من جيش الجنوب السابق.

 

مادة خاصة بصحيفة الحقيقة الاسبوعية