أخبار الإقليم

29 مايو, 2020 04:08:17 ص

إقليم عدن/خاص:
تزامنا مع اتهامات نقل عشرة من عناصرها فيروس «كورونا» المستجد من إيران أغلقت سلطات الميليشيات الحوثية ثلاثا من حواري مدينة صنعاء واعتبرتها موبوءة بـ«كوفيد - 19»، وسط حالة من الرعب يعيشها السكان الذين يشيعون يوميا العشرات من الضحايا بصمت وتكتم.
رئيس تحرير صحيفة «النداء» المستقلة تحدث عن وصول الفيروس إلى العاصمة اليمنية المحتلة نهاية شهر مارس (آذار) الماضي بواسطة عشرة من عناصر الميليشيات الذين كانوا قدموا من إيران ودخلوا البلاد عبر المنفذ الحدودي مع سلطنة عمان، وقال إن قيادة الميليشيات اكتشفت هذه الإصابات لكنها تكتمت عليها ولم تتخذ أي إجراء طبي لاحتوائها بل تركت هؤلاء العائدين يتحركون من دون قيود.
هذه الرواية طابقت ما قاله مسؤول في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط». وذكر أن الحكومة سبق لها التنبيه من إخفاء الحوثيين إصابة عشرين عنصرا قدموا من إيران قبل أيام من إغلاق المنافذ الحدودية، وأدخلوا مستشفى المتوكل في صنعاء الذي يمتلكه واحد من أنصار الجماعة.
المسؤول اليمني أعاد التذكير بالتصريحات التي صدرت عن مستويات مختلفة في الحكومة الشرعية تحذر مواجهة البلاد كارثة حقيقية بسبب تكتم وإخفاء حقيقة إصابة العناصر الحوثية القادمة من إيران بفيروس «كورونا»، وقال إن الأحداث أثبتت صواب الموقف الحكومي الذي لم يأخذه العالم بعين الجدية. ويصعب التأكد من الأنباء داخل مناطق سيطرة الحوثيين. لكن يمنيين تداولوا إصابة وزير الصحة في حكومة الميليشيات الحوثية طه المتوكل، وما يربو على 20 قياديا من الوزارة منهم وكلاء ومسؤولو قطاعات. وذكرت مصادر مناهضة للجماعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن منير القعيش مدير المجمع الصحي في حي السنينة الذي يوجد فيه منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي توفي الليلة قبل الماضية متأثرا بإصابته بالفيروس. كما نعت الإدارة التعليمية في منطقة معين وفاة خمس معلمات بعد إصابتهن وثلاثة من الأطباء والعاملين في مستشفى الثورة وهو واحد من أكبر المستشفيات في اليمن.
وفي ظل إصرار حوثي على إخفاء الأعداد الحقيقية للمصابين والمتوفين أغلقت سلطات الانقلاب ثلاثا من الحارات واسعة الشهرة في صنعاء بعد تفشي الوباء وارتفاع أعداد الوفيات يوميا، حيث انطلقت سيارات تحمل مكبرات للصوت في حارة جامع أحمد ناصر تنادي على السكان بأنهم ممنوعون من مغادرة منازلهم وأنهم تحت الحجر المنزلي لمدة أسبوع بسبب انتشار فيروس «كورونا» وأن إجراءً مماثلا اتخذ في حارة الذيبة الواقعة بين تقاطع شارع العشرين وشارع هائل في الجزء الغربي من صنعاء، إضافة إلى حارة الرحمة المجاورة لها والتي تقع بين تقاطع شارع الرقاص مع شارع هائل وصولا إلى شارع الجامعة.
يقول علي عبد الرحمن وهو أحد سكان المنطقة لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع مخيف. الجنازات لا تتوقف وأغلبية الناس يشكون المرض وأعراضا تشبه الإصابة بفيروس «كورونا»، مضيفا «أعيش في صنعاء منذ أربعين عاما لم أشاهد هذا الكم من الموتى طول هذه المدة، لم يعد لنا من أمل سوى الله لاحتواء هذه الكارثة».
وحسب عبد الرحمن فإن سيارات تحمل مكبرات صوت تطوف الشوارع رفقة مسلحين حوثيين تحذر الناس وتحضهم على البقاء في المنازل لأن «كورونا» منتشر.
في المقابل كان أئمة مسجد أحمد ناصر في الحارة التي تحمل اسم الجامع نفسه، وجامع الذيبة وجامع الخير في حارة الرحمة أعلنوا أن الصلاة تؤدي في المنازل بسبب تحول المناطق التي تقع فيها المساجد باتت موبوءة.
في منطقة 45 القريبة من المجمع الرئاسي أغلقت الميليشيات الحوثية كامل الحواري. وألزمت سكانها البقاء في منازلهم، بعد أن تحولت إلى بؤر لانتشار الفيروس. وأكد سكان حارة الفتح الواقعة في المنطقة الممتدة بين الصافية وشارع تعز أن عناصر الحوثيين انتشروا مع سيارات تبلغهم بحظر التجول لمدة أربعة أيام بعد وفاة مؤذن جامع الحارة بفيروس «كورونا».
هذه الإجراءات امتدت إلى مدينة دمت التابعة لمحافظة الضالع، إذ قالت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات نشرت مسلحيها وعناصر أمنية في شوارع المدينة الصغيرة، وفرضت حظرا شاملا على الحركة بعد وفاة طبيبين يعملان في مستشفى المدينة التي تعد مقصدا للراغبين بالاستحمام في مياهها البركانية الحارة والتي يعتقد الكثير أنها تشفي من عدة أمراض خاصة الجلدية منها أو أمراض العظام.
وسط هذه الكارثة تواصل الميليشيات التصعيد العسكري وتعرقل الخطة التي وضعها المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث بشأن وقف الحرب وتوحيد جهود اليمنيين لمواجهة الجائحة التي يتوقع أن تتسبب في وفاة عشرات الآلاف وتصيب نحو 16 مليون نسمة على الأقل.
عاد الحوثيون لاستهداف الأراضي السعودية بالطائرات المسيرة وإرسال التعزيزات إلى جبهات القتال ومهاجمة مواقع الجيش اليمني في الجوف ونهم والحديدة والضالع والبيضاء.
وفي حين كان اليمنيون يتطلعون لموقف إيجابي من قيادة الحوثيين تجاه مقترحات المبعوث الدولي، وإعلان التحالف الداعم للشرعية وقف إطلاق النار من جانب فوجئوا بإطلاقها طائرات مسيرة مفخخة استهدفت تجمعات سكنية في مدينة نجران جنوب السعودية، لكن دفاعات التحالف اعترضتها ودمرتها قبل تحقيقها أهدافها.
وفي بيان للتحالف، قال العقيد الركن تركي المالكي المتحدث باسم التحالف إن الطائرات المسيرة كانت موجهة إلى أهداف مدنية، وإن التحالف سيواصل اتخاذ وتنفيذ الإجراءات الرادعة «لتحييد وتدمير» قدرات ميليشيا الحوثي، مذكرا بأن الميليشيات ارتكبت ما يربو على 4400 اعتداء منذ دخول وقف النار أحادي الجانب الذي أعلنه التحالف خلال شهر ونصف الشهر.
أما في عدن حيث تعمل لجنة الطوارئ الحكومية على حشد الدعم الإقليمي والدولي لمساندة جهودها لمواجهة جائحة «كورونا».
التقت الدكتورة إشراق السباعي المتحدثة الرسمية باسم لجنة الطوارئ فريقا من شركة «آسبن ميديكال» لحلول الرعاية الصحية الطارئة، التي تعاقد معها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للبدء في الوحدة الطبية المتكاملة لعلاج واستقبال حالات الإصابة بـ«كورونا»، متضمنة وحدة عناية مركزة. وقالت السباعي إن وزارة الصحة اليمنية ستقدم للفريق الطبي كافة التسهيلات لتمكينه من أداء مهامه، وأكدت التزام الوزارة بتقديم كل أوجه الدعم والمساندة للمنظمات الأممية والإقليمية لتنفيذ برامجها وأعمالها في اليمن لمواجهة فيروس «كورونا»، لافتة إلى أن التنسيق بين وزارة الصحة والمانحين والمنظمات مستمر لدعم القطاع الصحي ومساندته لتقديم الخدمات الصحية في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة جراء انتشار للأوبئة والحميات وخصوصاً فيروس «كورونا» في عدد من المحافظات.
وسيعمل الفريق بالتعاون مع السلطات الصحية اليمنية على إنشاء وحدة طبية متكاملة في مدينة عدن لمجابهة وباء «كورونا» بسعة 100 سرير.