استهل الجنرال الدنماركي مايكل لوسيجارد، مساء
الثلاثاء، مهامه رسميا، كرئيس لفريق المراقبين الدوليين في مدينة الحديدة
اليمنية من أجل إنقاذ اتفاق ستوكهولم الذي أوشك على الانهيار بفعل سلسلة من
التعقيدات التي وضعتها مليشيا الحوثي الانقلابية في طريق الرئيس السابق
للبعثة الأممية، الهولندي باتريك كاميرت.
ووصل
لوليسجارد، الثلاثاء، إلى اليمن بعد أيام من تعيينه رئيسا للجنة مراقبة
وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار في الحديدة، بقرار جماعي من مجلس الأمن
خلفاً لكاميرت الذي سبق وأن استهدفته المليشيات بإطلاق النار على موكبه بعد
اتهامه بالانحياز وتنفيذ أجندات خاصة.
وواجه
اتفاق السويد بشأن الحديدة الذي تم التوصل إليه في 13 ديسمبر/كانون الأول
الماضي بين الحكومة الشرعية والحوثيين، العديد من العقبات التي وضعتها
المليشيات، ما تسبب في تضاؤل فرص السلام وجعل الاتفاق يترنح على حافة الفشل
رغم محاولات إنعاشه المستمرة من المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن.
وخلال
أكثر من شهر ونصف، وهي الفترة التي أعقبت الإعلان عن الاتفاق، نجح
الحوثيون في تعطيل اجتماعات اللجنة المشتركة، عدا في 3 مناسبات بعد رفضهم
انعقادها في المناطق المحررة، ما اضطر اللجنة لنقل الاجتماعات إلى متن إحدى
سفن الأمم المتحدة الراسية في سواحل الحديدة.
ولم
تفلح محاولات رئيس الفريق الأممي المنتهية ولايته، باتريك كاميرت الأخيرة
في إحراز أي تقدم خلال الاجتماعات المكثفة التي جرت منذ السبت الماضي،
وتركزت حول بحث تفاصيل الخطوة الأولى من المرحلة الأولى لخطة إعادة
الانتشار بالحديدة والتي تتضمن إعادة الانتشار في الأماكن الحرجة والأمور
المتعلقة بالجانب الإنساني، وكذا الانسحاب من الموانئ، وفقاً لتأكيدات مصدر
مقرب من وفد الحكومة الشرعية لـ"العين الإخبارية".
ومن
المقرر أن يعقد الرئيس الجديد لفريق المراقبين الدوليين، الأربعاء، أول
اجتماع له مع أعضاء اللجنة المشتركة، في مهمة يرى كثيرون بأنها ستكون مليئة
بالأشواك، على أمل أن ينجح في استكمال ما عجز عنه "كاميرت" فيما يتعلق
بآلية تنفيذ الاتفاق وبالأخص تثبيت وقف إطلاق النار والانسحاب من الموانئ
وإعادة انتشار القوات.
وأعلنت
الأمم المتحدة في بيان رسمي أن اجتماعات الأسابيع الـ6 الماضية "بدأت تؤتي
ثمارها"، وأن الأطراف باتت قريبة من الموافقة على تنفيذ المرحلة الأولى من
خطة إعادة الانتشار، دون الكشف عن موعدها أو آلية التنفيذ.
وعلى
الرغم من التفاؤل الكبير الذي يسود أروقة الأمم المتحدة، إلا أن مراقبين
سياسيين وعسكريين يعتقدون أن اختلاف الأسماء في فريق المراقبين الدوليين لن
يغير شيئا على الواقع، ما لم تكن هناك إجراءات حازمة إزاء تعنت المليشيات
التي تعطل تنفيذ الاتفاق.
وأكد العقيد نجيب
الجابري المحلل السياسي والعسكري لـ"العين الإخبارية" أن ما يحدث منذ
مشاورات السويد لا يعدو عن كونه فرصة منحت للحوثيين من أجل كسب الوقت
والتقاط الأنفاس استعدادا لمعاركهم المقبلة، بعدما كادت تلفظ أنفاسها
الأخيرة وتفقد السيطرة بشكل كامل على مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي.
وأوضح
الجابري أن اتفاق الحديدة كان بمثابة بالون اختبار لقياس رغبة الحوثيين
وصدق نواياهم في التنفيذ على طريق الوصول لاتفاق شامل بوقف الحرب وتحقيق
السلام، بعدما سعى المجتمع الدولي جاهداً لاستثمار أدواته في ممارسة ضغوط
كبيرة على الحكومة الشرعية في اليمن والتحالف العربي، من أجل إنجاز اتفاق
ولو بالحد الأدنى خلال تلك المشاورات وتحديداً في ملف الحديدة.
وأضاف
أن فشل الحوثيين في هذا الاختبار وعرقلتهم لكل الجهود الرامية لإحراز تقدم
ملموس في الاتفاقية المعلنة يكشف بوضوح عن حقيقة نواياهم وزيف ادعاءاتهم،
ما يستدعي تدخلا صارما من مجلس الأمن الدولي لوضع حد أمام كل هذا العبث
والتعنت من قبل مليشيا الحوثي المدعومة من إيران.
ومنذ
الإعلان عن اتفاق السويد في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي عملت المليشيا
الحوثية على إفشال الاتفاق عبر سلسلة من الخروقات ورفض الالتزام بتعهداتها،
إلا أن الأمم المتحدة تعاملت بسلبية، مكتفية بتعليق خجول على ذلك بوصفه:
"فرصة مهدرة لتحقيق السلام" دون ذكر الطرف الذي عرقل وأهدر الفرصة، وهو ما
يثير كثيرا من الارتياب لدى الشارع اليمني حول حقيقة الدور الذي يضطلع به
مبعوثها الخاص إلى اليمن وانحيازه السافر للمليشيات الإيرانية في كثير من
المواقف.