إقليم عدن - خاص:
أقرّ مسؤول في جماعة الحوثي الانقلابية
في اليمن باستخدام المتمردين للألغام بشكل كبير.
وفي الوقت الذي يجذب فيه انتباه استخدام
الحوثيين لصواريخ "سكود" وغيرها من الصواريخ الباليستية المعدّلة المطورة
لتستهدف بها الأراضي السعودية؛ يمثل التوسع في استخدام الألغام خطرًا يمتد لأجيال قادمة
في اليمن، أفقر دول العالم العربي.
ونقلت "أسوشيتد بريس" عن أسامة
القصيبي مدير عام المشروع السعودي لنزع الألغام "مسام" تأكيده بوجود الألغام
"بكل مكان في اليمن. إنها لا تستخدم كآلية للدفاع أو للهجوم، بل لإرهاب السكان
المحليين في أنحاء اليمن".
ووصف تقرير "أسوشيتد برس" الألغام
بأنها "تقبع تحت رمال الصحراء المتحركة، وسط ركام الطرق، وداخل المدارس المهجورة
على استعداد للانفجار بلمسة صغيرة... أماكن الألغام الأرضية، التي نشرها المتمردون
الحوثيون في اليمن، غير معروفة، وسوف تظل تمثل تهديدًا حتى إذا نجحت أخر محاولات إرساء
السلام في وضع حد للصراع بحسب ما يقول المشاركون في إزالتها".
وتمثل الألغام واحدة من المخاطر التي يواجهها
كل من المقاتلين والمدنيين على حد سواء. ونهب الحوثيون مستودعات الأسلحة الحكومية عندما
سيطروا على أغلب أجزاء شمال اليمن، وشمل ذلك كمية كبيرة من الألغام المضادة للدبابات.
كذلك تنتشر الألغام المضادة للأفراد في أنحاء البلاد رغم انضمام الحكومة عام 1997 إلى
معاهدة دولية تحظر استخدامها.
وصرحت هيئة من الخبراء تابعة للأمم المتحدة
عام 2016 بأن الحوثيين قد استخدموا وزرعوا الألغام الأرضية عند انسحابهم من مدينة عدن
الواقعة جنوب اليمن، وقد أسفرت تلك الألغام عن مقتل 222 مدني، وإصابة آخرين في 114
واقعة على الأقل منذ عام 2016 بحسب "مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة"،
الذي أشار أيضًا إلى أن تلك الأرقام ربما لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من كافة حوادث انفجار
الألغام التي راح ضحيتها مدنيون في اليمن نظرًا لصعوبة الحصول على تقديرات دقيقة.
وما جعل الأمور تزداد سوء هو أن ثلث المنشآت
الطبية في اليمن مغلقة على حد قول ناصر باعوم، وزير الصحة اليمني، حيث نقلت "أسوشيتد
برس" قوله: "لقد تسببت الألغام في مشكلة كبيرة. لا بأس بأن يصاب فرد في الجيش
أثناء معركة أو أن يضربه لغم، لكن أن تصاب طفلة بلغم في حقل أو في طريقها لجلب الماء،
فهذا يمثل مأساة".
وأقرّ يحيى الحوثي، المدير السابق للـ"مركز
التنفيذي للتعامل مع الألغام" في اليمن، وهو مركز لنزع الألغام تابع للحوثيين،
باستخدام الجماعة للألغام المضادة للدبابات، لكنه أنكر التلاعب فيها أو تعديلها لاستهداف
أفراد. كذلك زعم أن الحوثيين لم يستخدموا يومًا ألغام مضادة للأفراد رغم وجود أدلة
كثيرة تدل على عكس ذلك. ويقول العميد يحيى الساري، وهو مسؤول حوثي، إن المتمردين لا
يستخدمون سوى الألغام الأرضية في ساحة المعركة لا في المناطق المدنية. وتساءل:
"إن هذه حرب، فماذا تتوقعون منّا أن نفعل؟ أن نستقبل الطرف الآخر بالورود؟"،
زاعما أن الحوثيين قد حددوا أماكن الألغام، وسيتمكنون من إزالتها "سريعًا"
بمجرد انتهاء القتال.
على الجانب الآخر كشف القصيبي عن إعادة
الحوثيين ضبط وتعديل الألغام المضادة للدبابات، التي كان يتطلب انفجارها في السابق
ضغط بوزن يزيد على مائة كغم، بحيث تنفجر عند الضغط عليها بوزن يقل عن 10 كغم، مما يعني
أنها قد تنفجر إذا خطا طفل عليها.
ويتهم القصيبي الحوثيين باستخدام تكنولوجيا
توفرها إيران مثل أجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء، وتتبع طرق مثل إخفاء القنابل
داخل صخور وهمية.
وأشار تقرير أعدته مجموعة "أبحاث تسليح
النزاعات" في مارس (آذار) إلى تمويه القنابل، التي توضع على جانب الطريق، على
هيئة صخور في اليمن، وأن هذا يشبه طرق تستخدمها جماعة "حزب الله" المدعومة
من إيران في جنوب لبنان، ومتمردون على علاقة بإيران في كل من العراق والبحرين.
وتم العثور على ألغام زرعها الحوثيون، والتي
تشبه بعضها نموذج تم استعراضه سابقًا في إيران، في البحر الأحمر بحسب تقرير لخبراء
تابعين للأمم المتحدة عام 2018. وحذر التقرير من أن تلك الألغام "تمثل خطرًا على
السفن التجارية، وخطوط الاتصال التي تمر عبر البحر، وقد تظل لسنوات تتراوح بين ست وعشر
سنوات".
ويتهم كل من التحالف الذي تقوده السعودية،
والدول الغربية، وخبراء في الأمم المتحدة، إيران بتزويد الحوثيين بأسلحة منها بنادق
اقتحام، وصواريخ باليستية.
وتدعم إيران الحوثيين، لكنها تنفي تسليحهم،
ونفت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة الاتهامات والمزاعم الأخيرة بشأن "الأسلحة
الإيرانية السرية أو الأسلحة الشبح" وفقا لـ"أسوشيتد برس"، وقال علي
رضا مير يوسفي، وهو متحدث باسم البعثة الإيرانية: "لطالما كان في اليمن مجموعة
متنوعة من الأسلحة بما فيها الصواريخ الباليستية، ولا يحتاج اليمنيون إلى أسلحة إيرانية
لاستخدامها في الحرب".
ووصف القصيبي اليمن بأنها الدول الأكثر
احتواءً على ألغام منذ الحرب العالمية الثانية استنادًا إلى تقدير مجموعته لعدد الألغام
التي زرعها المتمردون.
ونشر مسؤولون سعوديون صورًا تظهر بها حقول
ألغام أرضية تم إبطال مفعولها. وربما تتردد مجموعات دولية تتعامل مع الألغام الأرضية
في تقدير حجم الأزمة نظرًا لمحدودية ما لديها من معلومات. إضافة إلى ذلك تنتشر في اليمن
ألغام من صراعات سابقة.
وأوضح القصيبي قائلا: "سيستغرق الأمر
سنوات. لا يمكن إعادة إعمار اليمن دون معالجة مشكلة الألغام. يجب أن نكون على الأرض
أولا قبل بدء عملية إعادة الإعمار".