إقليم عدن- خاص:
دعت الحكومة اليمنية مجلس الأمن إلى ضرورة إرسال رسائل واضحة لميليشيا جماعة الحوثي الانقلابية تؤكد على أن المجتمع الدولي لا يمكن أن يظل صامتا تجاه الجرائم والانتهاكات والمعاناة الإنسانية التي طال أمدها، وأن عليهم أن يختاروا إما السلام المستدام والحقيقي أو مواجهة أبناء شعبنا اليمني والمجتمع الدولي من خلفهم".
وطالب بيان الجمهورية اليمنية الذي ألقاه نائب مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك سعادة المستشار مروان علي نعمان، في الجلسة المفتوحة مجلس الأمن،" ان يحافظ على دوره كهيئة معنية بصون السلم والأمن الدوليين والعمل على تنفيذ قراراته التي اتخذها حتى يصبح لهذا المجلس المصداقية في معالجة كل ما من شأنه الاضرار بالسلم والأمن الدوليين".
وقال:" ظل هذا المجلس الموقر حاضراً في كل مراحل العملية السياسية في اليمن منذ العام 2011 وقطعنا سوياً أشواطاً لا يمكن الاستهانة بها في سبيل وضع حد للأزمة اليمنية التي تفتك بأبناء شعبنا وذلك وفقاً للمرجعيات التي تم الاتفاق عليها وهي المبادرة الخليجية و آليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني و قرارات مجلس الأمن ذات الصلة و على رأسها القرار 2216".
وأضاف: تكمن أولوية عمل مجلس الأمن في تحقيق و صون السلم والأمن الدوليين، ولن يتأتى ذلك الا من خلال احترام المعايير والقرارات الأممية والقوانين الدولية، وليس من خلال واقع يحاول البعض فرضه على الشعب اليمني، كما يجب على مجلس الأمن أن يحافظ على دوره كهيئة معنية بصون السلم والأمن الدوليين والعمل على تنفيذ قراراته التي اتخذها حتى يصبح لهذا المجلس المصداقية في معالجة كل ما من شأنه الإضرار بالسلم والأمن الدوليين.
تطرق نعمان في كلمة اليمن أمام مجلس الأمن، إلى ما مرت به اليمن منذ العام 2011م، والقرارات الدولية بشأن الأزمة اليمنية، وأهمية مرجعيات الحل في اليمن، والأوضاع الإنسانية والاقتصادية المتدهورة وانعكاساتها السلبية على مختلف فئات وشرائح المجتمع، كما انتقد صمت المجتمع الدولي إزاء تعنت الانقلابيين في مفاوضات السلام لإنهاء الحرب، وجرائم وممارسات وانتهاكات الحوثيين بحق اليمن واليمنيين، وضرورة وجود موقف موحد لوضع حد للانقلابيين الحوثيين الذي منذ انقلابهم على الشرعية في الـ 21 من شهر سبتمبر دخلت اليمن في نفق مظلم.
وتابع المستشار مروان علي بالقول: كما تعلمون، ورغم تغيب وفد الميليشيات عن مشاورات جنيف إلا أننا في الحكومة اليمنية أكدنا ونؤكد باستمرار دعمنا للمبعوث الخاص للأمين العام السيد مارتن غريفيثس، وندعم الجهود التي يبذلها ونؤكد استعدادنا للانخراط بنوايا صادقة متى ما توفرت الظروف الموضوعية في أية مشاورات أولية يمكن أن تمثل خطوة حقيقية للدفع قدماً بعملية السلام في اليمن وتهدف إلى التوصل لحلٍ مستدام للأزمة اليمنية.
وأشار إلى أنه عند الحديث عن الوضع الإنساني في اليمن، فلابد من الإشارة إلى أن ما يتعرض له شعبنا اليمني من معاناة إنسانية وعلى مدى ثلاث سنوات ما هو إلا نتيجة انقلاب غاشم على الدولة واختطاف لمؤسساتها المدنية والعسكرية من قِبل ميليشيات عقائدية متطرفة لا تعي أي معنى لحقوق الإنسان ولا ترى من الإنسانية إلا ما يتوافق مع أفكارها المتطرفة ويخدم مصالح قياداتها المارقة التي تعمل وكيلاً لإيران وحزب الله في المنطقة.
وذكر أنه منذ الـ 21 من سبتمبر 2014 دخلت اليمن في نفق مظلم على أيدي ميليشيات الحوثي، مما أدى إلى تردي الوضع الإنساني في اليمن بعد أن كانت العملية السياسية تسير بخطى ثابتة وبشهادةٍ دولية ودعم من دول المنطقة والمجتمع الدولي نحو تحقيق الأمن والاستقرار وبناء دولة مدنية ديمقراطية اتحادية تُحترم فيها حقوق الإنسان وتُصان فيها كرامة المرأة والشباب وحقوق الطفل وكافة الشرائح المهمشة في المجتمع وتتحقق فيها مبادئ العدل والمساواة، ولكن هذه الميليشيات أبت إلا أن تنتهك كل القيم والقوانين الإنسانية باعتدائها على أبناء الشعب اليمني، حيث لم يسلم منها الصحفيون وأساتذة الجامعات والأطفال والنساء وحتى أتباع الطائفة اليهودية والبهائية في سابقة لم يشهد لها المجتمع اليمني مثيل على مدى تاريخه.
ولفت إلى أن الميليشيات الحوثية مارست كافة أنواع القتل والتعذيب والتهجير القسري للمدنيين في جميع المدن اليمنية التي اجتاحتها بقوة السلاح ومن بينها مدينة تعز والتي لا يزال أبناؤها يعانون حتى اللحظة وغيرها من المدن اليمنية، كما لا يزال المدنيون يعانون من الألغام الأرضية التي زرعتها ميليشيات الحوثي وذهب ضحيتها الآلاف ومن بينهم النساء والأطفال، حيث يزيد عدد الألغام التي زرعتها تلك الميليشيات على مليوني لغم وبلغ عدد الضحايا خلال عام واحد من يونيو 2017 وحتى يونيو 2018 ما يصل إلى 937 قتيلاً و 2013 مصاب.
وأوضح أنه كل ما طال النزاع زادت معاناة اليمنيين واستمرت انتهاكات الميليشيات في حق الشعب اليمني ومستقبل اليمن بتجنيدها للأطفال وإجبارهم على ترك المدارس والزج بهم في جبهات الصراع مستغلة الحالة الاقتصادية الصعبة للأسر اليمنية وتوظيف دور الأيتام ومراكز الأحداث لاستقطاب الأطفال الأيتام للقتال في صفوفهم في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات، فقد تعدى عدد الأطفال المجندين 20 ألف طفل مما أدى إلى وقوع 1316 ضحية، منهم 552 قتيلاً و 764 مصاباً بعاهة مستديمة جرّاء إرسالهم للجبهات.
وأكد أن المليشيات لم تكتفِ بهذه الجرائم وحسب، بل ذهبت للاعتداء على فرق الاغاثة وموظفي العمليات الانسانية وبشهادة من القائمين على هذه المنظمات، حيث قامت باحتجاز ومنع دخول 84 سفينة إغاثية ونفطية، واستهداف 7 سفن إغاثية وتجارية في البحر الأحمر ونهب أكثر من 696 شاحنة محملة بالمواد الاغاثية، وتقوم بالمتاجرة بالمواد الاغاثية والمساعدات الإنسانية في السوق السوداء ومقايضة الفقراء بها مقابل القتال في صفوف تلك الميليشيات، وقامت أيضاً بتفجير أربع شاحنات أخرى وقتل اثنين من سائقي هذه الشاحنات، وفي سبتمبر الماضي قامت باقتحام مخازن برنامج الغذاء العالمي في محافظة الحديدة واختطاف اثنين من العاملين بها وإحراق مخازن البرنامج، بالإضافة إلى إتلاف ما يزيد على 4000 طن من تلك المواد الغذائية ومنع افراغ 11979 طناً من الديزل و 84326 طناً من البترول في ميناء الحديدة.
كما قال نائب مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك سعادة المستشار مروان علي نعمان، لم يعد يخفى على أحد بشاعة الانتهاكات التي يرتكبها الحوثيون في المناطق التي يسيطرون عليها، فعلى سبيل المثال، وثقت منظمة هيومن رايتس واتش الشهر الماضي عددا من انتهاكات الحوثيين الخطيرة تجاه المواطنين الأبرياء الذين تم خطفهم واخفائهم قسراً أو احتجازهم كرهائن بطريقة تعسفية ولا أخلاقية في انتهاك صارخ لحقوق الانسان والقانون الانساني الدولي، وقد وثقت هذه المنظمة من العام 2014 العشرات من حالات الخطف والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب، إضافة إلى مئات الحالات التي تم توثيقها عبر منظمات حقوقية يمنية.
وتابع: واللافت أن الحوثيين يقومون بهذه الانتهاكات الصارخة ليس فقط من أجل إسكات معارضيهم السياسيين أو كبح أفواه منتقديهم، بل إن هذه الجرائم من خطف وتعذيب أصبحت عملية منظمة تستخدم كأداة ابتزاز ربحية لجني المال من المواطنين الأبرياء مقابل الافراج عن ذويهم وعمن يحبون، ولقد وصلت الفظاعة بالميليشيات الحوثية إلى الامعان في التعذيب بالضرب بأعقاب البنادق والتعليق وقلع الأظافر وحتى التهديد باغتصاب المحتجزين أو اغتصاب أفراداً من أسرهم من أجل إجبار الضحايا الأبرياء وأسرهم على الدفع مقابل الافراج عنهم حتى أصبح الموت أمنية لهؤلاء المعتلقين.
ولفت إلى أنه في الشهر الماضي، أقدمت هذه الميليشيات على اعتقال 17 فتاة في جامعة صنعاء وقامت بالاعتداء عليهن لأنهن خرجن للتظاهر ضد "سياسة التجويع" التي تتبعها الميليشيات ضد المواطنين في مناطق سيطرتها، كما تم الاعتداء على أسرهن عندما حضروا للمطالبة بإطلاق سراحهن في عار لم تشهده التقاليد والأعراف اليمنية إلا منذ أن أتت هذه الميليشيات المتمردة والخارجة عن القانون.
وجدد نعمان، تأكيد الحكومة اليمنية الالتزام باحترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، ودعا إلى إدانة كل من يقوم بانتهاكها، على قدم المساواة، كما جدد التأكيد على أهمية تكثيف العمل والتنسيق مع الأجهزة الرسمية ذات العلاقة، وفتح مراكز رئيسية للمنظمات الأممية العاملة في الشأن الإنساني في العاصمة المؤقتة عدن وبقية المدن الرئيسية بما يضمن لا مركزية العمل الإنساني والاغاثي وعدم تأثره بتعقيدات العمليات العسكرية وبما يضمن عدم استغلال الميليشيات المسلحة لمخازن الأغذية واستخدامها كغطاء لتنفيذ هجمات عسكرية في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني أو زراعة الألغام المضادة للأفراد التي تعيق وصول المساعدات الإنسانية وتعرض حياة المدنيين للخطر وحتى يتم ضمان أن تذهب المساعدات الإنسانية لوجهتها الصحيحة.
كما قال: وفي إطار الحديث عن الوضع الإنساني فإنه لابد من الإشارة إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه بلادنا جراء الحرب بسبب عبث الميليشيات الحوثية بموارد البلاد واحتياطاتها الداخلية والخارجية، الأمر الذي كان له بالغ الأثر على حياة المواطنين، ولمواجهة ذلك وحرصاً من حكومة الجمهورية اليمنية ممثلة بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية على استتباب الوضع الاقتصادي في اليمن فقد اتخذت الحكومة حزمة من الإجراءات والقرارات التنفيذية الهامة، والتي لا مفر منها، للتكيف مع الوضع الاستثنائي الذي تعيشه بلادنا.
وأضاف: واتخذ البنك المركزي حزمة من الإجراءات تَمثلَ أبرزها في توفير كامل احتياجات المستوردين للمواد الأساسية من العملات الأجنبية وبسعر ثابت بتمويل من الوديعة السعودية في مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم الطلب، واتخذت الحكومة قراراً بتوفير مبلغ مائة مليون دولار للبنك المركزي بهدف تغطية احتياجات صغار التجار والتي تقل طلباتهم عن 200 ألف دولار، ومبلغ خمسة عشر مليون دولار شهرياً لتغطية احتياجات شركة النفط اليمنية بهدف خلق توازن في السوق من خلال البيع بأسعار مناسبة للمستهلكين، وغيرها من الإجراءات التي تهدف إلى الحد من التأثيرات السلبية للسوق السوداء التي خلقها أمراء الحرب من الميليشيات الحوثية، ولتنظيم الطلب على العملة الأجنبية ومنع المضاربة العشوائية لتحقيق توازن يحافظ على استقرار العملة ويوقف تدهور قيمة الريال اليمني ويساعد في توفير السلع الأساسية والمشتقات النفطية للمواطنين.
كما أعرب عن تطلع اليمن إلى أن تلعب منظمات الأمم المتحدة والدول والمؤسسات المانحة دوراً محورياً ومساهماً في استقرار العملة اليمنية عبر توجيه مساعداتها لليمن بالعملة الأجنبية والحوالات الواردة عبر البنك المركزي اليمني، أسوة بما قامت به المملكة العربية السعودية، وقال: ولا يفوتني هنا أن أشكر باسم الحكومة اليمنية ونيابة عن الشعب اليمني دول التحالف العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والدول المانحة الشقيقة والصديقة والمنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة على الجهود الإنسانية الاستثنائية التي تبذلها للتخفيف من معاناة اليمنيين وآخرها المنحة المقدمة يوم أمس من المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة بمبلغ 70 مليون دولار لدعم رواتب المعلمين بالتنسيق مع منظمة اليونيسيف، كما أجدها فرصة لأجدد الدعوة إلى جميع الدول المانحة للإيفاء بتعهداتها نحو خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2018 والذي شارف على الانتهاء، كون حدة الوضع الانساني كفيل بأن يدفع المانحين إلى تحويل كلماتهم إلى أفعال.
وأضاف: رغم تقديرنا العالي لكل الجهود الإنسانية التي يقوم بها المجتمع الدولي للتخفيف من معاناة اليمنيين، الا أننا نؤمن أن هذه المعاناة التي صنعها البشر لا يمكن أن تنتهي وأن يكون هناك حلٌ مستدامٌ لها الا من خلال معالجة جذور المشكلة في اليمن وهي الانقلاب الحوثي، وذلك عبر إيجاد حل سياسي سلمي شامل يقوم على المرجعيات الثلاث وعلى رأسها قرارات هذا المجلس الموقر لاسيما القرار 2216، كما أن جل ما نخشاه أن تصبح اجتماعات المجلس حول اليمن روتينية تُلقى فيها الكلمات ويتم الاشارة الى الأرقام والاحصائيات وأعداد الضحايا، ثم ينتهي تأثير هذه الكلمات بعد أن ينفض المجلس، طالما وأن هذا المجلس الموقر غيرُ قادر على الضغط على الميليشيات من أجل الخضوع للإرادة الدولية وتنفيذ قرارات المجلس الصادرة تحت البند السابع.
وأختتم نعمان كلمة اليمن أمام مجلس الأمن بالقول: لابد لهذا المجلس أن يرسل رسائل واضحة إلى ميليشيات الحوثي تؤكد على أن المجتمع الدولي لا يمكن أن يظل صامتا تجاه الجرائم والانتهاكات والمعاناة الإنسانية التي طال أمدها، وأن عليهم أن يختاروا إما السلام المستدام والحقيقي أو مواجهة أبناء شعبنا اليمني والمجتمع الدولي من خلفهم.