إقليم عدن _خاص:
كشف وزير حقوق الإنسان اليمني، محمد عسكر،
عن أخطر مرحلة يمر بها المواطن اليمني طيلة تاريخه، واتهم ميليشيات الحوثي بتدمير حاضر
ومستقبل الشعب من خلال زراعة ألغام عالية التقنية وبأحدث التكنولوجيا لقتل الأطفال
والشباب من خلال تجنيدهم واختطافهم من المدارس والشوارع بعد تحويل المدارس إلى معسكرات
تدريب ومخازن للسلاح.
وقال في حوار مع «المجلة» إن مبادرة الإفراج
عن الأسرى والمعتقلين سبق وأن طالب بها الرئيس عبد ربه منصور هادي منذ العام الماضي،
ورفضها قادة الانقلاب الحوثي. وأضاف أن إيرادات ميناء الحديدة إذا ما تم تحويلها إلى
البنك المركزي، فستكفي لدفع الرواتب في مجال الصحة والتعليم.
كما اتهم جماعة الحوثي باتباع أفكار إيرانية
لم يعرفها المجتمع اليمني من قبل، وهي تدشين معسكرات للنساء للفت الانتباه إليهم، بعدما
انصرف عنهم الشارع اليمني.
وطالب المجتمع الدولي بدعم مشروع «مسام»
لنزع الألغام والذي قد يعطل الملاحة البحرية، خاصة أن الزراعة تتم في المياه الداخلية
والإقليمية. كما لفت الانتباه إلى أهمية تسليم قادة الانقلاب لخرائط الألغام. وإلى
نص الحوار…
* كيف تقيّم ما أتى به المبعوث الأممي فيما
يتعلق بالأوضاع الإنسانية الضاغطة على الشعب اليمني وما الأولويات في تقديركم؟
– أعتقد أن الأولويات تبدأ من عملية إخلاء
مدينة الحديدة من مسلحي ميليشيا الحوثي والسماح لوزارة الداخلية اليمنية بالقيام بالانتشار،
وإدارة ميناء الحديدة من قبل الحكومة، خاصة أن الحكومة قد وافقت على ذلك من أجل تجنيب
المدنيين الحلول العسكرية وأن يتم تحويل الإيرادات التي تأتي من الميناء إلى البنك
المركزي لدفع رواتب الموظفين في جانب الصحة والتعليم وهي تصل إلى أكثر من 460 مليار
ريال وهو مبلغ يكفي لدفع الرواتب لمدة عامين، وكذلك من بين الأولويات أيضا أنه في حال
استمرار العمليات العسكرية لا بد من عمل ممرات آمنة والسماح لكل النازحين بالمرور من
وإلى عدن وصنعاء لأن المعلومات التي تأتينا الآن أنهم يمنعون الشباب الذين يبلغون من
العمر 17 عاما فيما فوق، ويتخذونه دروعا بشرية، ويسمحون للنساء والأطفال فقط بالخروج،
ولذا نرى أن هذه جريمة منظمة نظرا لاستخدام المدنيين دروعا بشرية وقد حدثت في المخا
وتعز وعدن كما تم حفر خنادق في الحديدة لقطع الطرقات، لذا يجب توفير ممرات آمنة. وقد
أدانت الأمم المتحدة لحقوق الإنسان هذه الجريمة في المخا ولكن لم نسمع حتى اليوم عن
الإدانة الدولية في مسألة استخدام المدنيين كدروع بشرية وقطع الطرق ولدينا مئات السكان
يتم استغلالهم في هذا الموضوع الإنساني لأغراض سياسية وشخصية.
* بعد وقف إطلاق النار لإعطاء فرصة للحل
السياسي، هل جماعة الحوثي جاهزة للتعاطي مع هذه المرحلة والقبول بالتفاوض من أجل السلام؟
– ميليشيا الحوثي تستخدم الهدن لإعادة تجميع
الصفوف وتجنيد المزيد من الأطفال والذهاب بهم إلى أتون الحرب وجلب المزيد من السلاح
والمؤن للاستمرار في الحرب وهي جماعة مدعومة من إيران بامتياز وبفكر إيراني يسعى لتقويض
الدولة لصالح الجماعة وهذا الأمر تم تطبيقه في العراق وسوريا وتجري المحاولة لتطبيقه
في اليمن. ولولا التحالف العربي الذي جسد فكرة اتفاقية الدفاع والتعاون المشترك لوصلت
يد إيران إلى الجزيرة العربية. ولكن المعركة طالت والأزمة اشتدت، ويعتبر من أسباب الأزمة
الإنسانية الانقلاب الذي قامت به جماعة الحوثي عام 2014.
* هل توجد فرصة للحل السياسي، وهل من مؤشرات
على ذلك وفق رغبة المجتمع الدولي؟
– المجتمع الدولي يتحدث عن ضرورة إيقاف
الحرب وحل الأزمة، لكن عمليا على أرض الواقع لا نجد تلك الضغوط المناسبة تجاه الجانب
المعطل للسلام في اليمن ونرى أن الحل السياسي في اليمن ليس بمعضلة لأن الحل له مكوناته
الأساسية المتوافق عليها من جميع المرجعيات الأساسية والتي تتحدث عن حل سياسي دائم
يجب أن يستند إلى المبادرة الخليجية التي تم التوقيع عليها في عام 2012. ومخرجات الحوار
الوطني الذي شاركت فيه كل الأطراف بمن فيهم الحوثيون وقرارات الأمم المتحدة وهذه المرجعيات
مهمة لكن من الذي يلزم ميليشيات الحوثي بإخلاء المدن من السلاح والمقاتلين والانسحاب
منها وترك مؤسسات الدولة؟ إذا استمرت الميليشيات كدولة داخل الدولة لا يمكن تأسيس دولة
جمهورية اليمن.
* ماذا عن ملف تجنيد الأطفال ومن أي المناطق
يتم، وكم عددهم وهل يتم تحت بند الاختطاف أم التجنيد الإجباري أم نتيجة أوضاع اقتصادية
ضاغطة؟
محمد عسكر، وزير حقوق الإنسان اليمني
محمد عسكر، وزير حقوق الإنسان اليمني
– ميليشيات الحوثي لم تقم فقط بأعمال تدمير
للإنسان اليمني وإنما تسعى إلى تدمير المستقبل من خلال أمرين أساسيين الأول نشر ألغام
تصل إلى أكثر من مليون لغم أرضي، وقد قامت إيران بتزويد الميليشيات بالألغام بأحدث
التكنولوجيا في هذا المجال ومن بينها ألغام بالليزر على شكل لعب أطفال ولعب بلاستيكية.
وإلى جانب ذلك يأتي موضوع تجنيد الأطفال وقد رصدنا تجنيد أكثر من 15 ألفا تتراوح أعمارهم
بين 14 و18 عاما وبعضهم عمره 12 عاما. وأساليبهم في ذلك متعددة.. هناك طرق إجبارية
مباشرة وغير مباشرة… على سبيل المثال يتم اقتيادهم من مراكز الأيتام ويتم شحنهم إلى
الجبهة. وأحيانا يأخذونهم من المدارس مباشرة بالاختطاف ويكتشف أولياء الأمور أن أبناءهم
في ميدان القتال وأحيانا يتم غسل عقول الأطفال وطرق أخرى منها الضغط على أولياء الأمور
بأن يشارك أولادهم في القتال مقابل راتب شهري ويحدث هذا تحت ضغط الوضع الإنساني الاقتصادي
مقابل مائة وخمسين دولارا أو مائة دولار… يضاف لذلك عدم قدرة أولياء أمور آخرين على
إرسال أولادهم للمدارس وأيضا لدينا أكثر من 2300 مدرسة تم تدميرها في اليمن وفق إحصائية
اليونيسيف ووزارة حقوق الإنسان، وبالتالي فمعظم الأطفال في الشوارع، ومنها يسهل اقتيادهم
إلى ساحة الحرب، والأكثر من ذلك أنهم قاموا بتحويل ما تبقى من المدارس إلى مخازن للسلاح
أو للتدريب أو القيادة والسيطرة… ثم يأتي التحالف لضربها فيصورون الأمر وكأن التحالف
يدمر المدارس ويقتل الأطفال. والأمر الخطير أيضا أن المعلم لا يحصل على راتبه، فكيف
يذهب للتدريس، أو ينفق على أولاده. والآن لدينا إحصائيات مخيفة لعمليات التشرد والتخريب
التي طالت أكثر من 40 في المائة من الأطفال. وبالتالي فالقصد هو تدمير مستقبل اليمن
من خلال استهداف الأطفال والشباب. وعلى سبيل المثال هذا الطفل الذي ذهب إلى الحرب كيف
أعيده مرة أخرى إلى المدرسة. والطفل الذي فقد بعضا من أطرافه يشكل عائقا أمام التنمية
في المستقبل.
* هل هذا يحدث في عدن وصنعاء؟
– تجنيد الأطفال يحدث في المناطق التي تسيطر
عليها ميليشيات الحوثي، وكان لدينا اتفاقية حول إنهاء موضوع تجنيد الأطفال مع اليونيسيف،
في نهاية 2014. وتوقفت بسبب الميليشيات والانقلاب. والآن عقدنا قبل ثلاثة أيام ورشة
عمل أولية لاستعادة مشروع الاتفاقية لإنهاء تجنيد الأطفال. وفي حالة وجود أطفال أقل
من 18 عاما، وفقا للتصنيف، سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة.
* ومن هم تحت أيدي الميليشيات، ما الإجراء
الذي سيتخذ؟
– هذا الأمر تقوم به اليونيسيف ونقوم بالضغط
عليهم إعلاميا ومن خلال التقارير وهم يعملون نوعا من الدعاية حيث كانوا ينشرون ويعلقون
صور الأطفال المشاركين في العمليات العسكرية لتشجيع أعداد جديدة وبالتالي تم فضحهم
من خلال وجود هذه الملصقات في الشوارع. وعندما اكتشفوا الأمر قاموا برفعها وامتنعوا
عن نشرها وأمر الحوثي بمنع نشر صور الأطفال.
* ماذا عن وجود معسكرات تدريب النساء؟
– خلال فترات معنية بدأ الشعب اليمني يرفضهم
فكانت المحاولة بتجنيد النساء وقد أخذوا هذه الفكرة من إيران بتصوير المرأة اليمنية
بالمشاركة في الحرب لإضفاء نوع من الشرعية على ممارستهم فقاموا باختطاف النساء وتجنيدهن
واعتقالهن وقد حدث بشكل كبير مع انتهاكات جسيمة تعد دخيلة على عادات وتقاليد المجتمع
اليمني خاصة بعد مقتل الرئيس علي عبد الله صالح حاولوا التنكيل بهن في السجون وتجاوزوا
القيم الأخلاقية لأن المرأة في اليمن لا تعتقل ولا تختطف وعندما خرجت مظاهرات نسائية
للمطالبة بجثمان الرئيس السابق ودفنه تم الاعتداء عليهن من قبل الميليشيات.
* لكن ترددت أخبار عن وجود معسكرات تدريب
نساء على الحرب ؟
– يوجد بالفعل معسكرات لتدريب النساء في
صنعاء.
* ما خلفية فكرة تبادل المعتقلين في السجون
السرية للميليشيات؟
– الرئيس عبد ربه منصور هادي في عام
2017 قدم المبادرة إلى وفد أممي رفيع المستوى مشكّل من اللجنة الدولية للصليب الأحمر
ورئيس منظمة الصحة العالمية ورئيس اليونيسيف لإطلاق كافة الأسرى من الطرفين. وخلال
شهر رمضان الماضي تم تجديد هذه الدعوى ولم يتم التجاوب في كل مرة. واليوم جاء المبعوث
الأممي يحمل نفس المبادرة ونحن من جانبنا أصحاب الفكرة بإطلاق كافة المختطفين والأسرى.
ونتمنى أن تنجح هذه المبادرة. وفي وزارة حقوق الإنسان سنكون في المقدمة لدعم الحقوق
الإنسانية.
* ماذا بشأن المعتقلين في سجون الحوثي السرية؟
– هناك أكثر من 18 ألف معتقل ومخفي قسريا
في سجون الحوثي وفي معتقلات سرية، وأحيانا يتم وضع بعض المعتقلين كدروع بشرية في مناطق
عسكرية عندما يرغبون في التخلص منهم – مثل مركز عمليات أو مركز تخزين سلاح – يتم وضع
بعض المعتقلين حتى يأتي الطيران لقصف هذه المواقع وعليه يتهمون التحالف بقتلهم.
* ماذا بشأن المحتجزين والعالقين من وإلى
الشمال والجنوب؟
– نحن نرحب بكل النازحين من الشمال والجنوب
وإذا حصلت حالات فردية سيتم التعامل معها وفق حقوق الإنسان.
* المساعدات الإنسانية كيف يمكن تأمينها
وعدم استيلاء جماعة الحوثي عيها؟
– الأمم المتحدة تؤكد أن المساعدات الإنسانية
للشعب اليمني الذي يصل تعداده إلى 25 مليون نسمة لا تصل. وأن 25 في المائة من سكان
الحديدة يعانون من سوء التغذية والمجاعة. إذن المساعدات الإنسانية تستولي عليها جماعة
الحوثي لبيعها في الأسواق. وجزء كبير منها يذهب للمجهود الحربي. ولذلك نرى أنه مع عملية
تحرير الحديدة سوف يبدأ العد العكسي لإنهاء الحرب في اليمن وسوف يقطع شريان هذه الحرب.
* مشروع «مسام» لنزع الألغام هل يساهم في
حماية الشعب اليمني؟
– شاركت في تدشين مشروع «مسام» في الرياض
قبل أسابيع. وهي مبادرة كريمة من مركز الملك سلمان لإزالة الألغام خاصة أن الميليشيات
تسعى إلى زراعة الموت والألغام. ونتمنى من العالم كله أن يقوم بالضغط على جماعة الحوثي
لتسليم خرائط الألغام خاصة في المناطق التي تم تحريرها ولذا نطلب من الأمم المتحدة
والمجتمع الدولي أن يفرج الحوثي عن خرائط الألغام التي تنفجر منذ ثلاث سنوات في الشعب
اليمني وفي إطار عملية الإفراج عن الأسرى والمعتقلين وكذلك المساعدة على التدريب والخبرات
والأجهزة للتخلص من هذه الألغام وكذلك الألغام البحرية التي تهدد الملاحة البحرية.
وقبل نحو شهر، في ميناء صغير في الحديدة، انفجر لغم في وجه الصيادين وبالتالي فهي ربما
تنتقل من المياه الداخلية إلى الإقليمية.
* متى يبدأ المشروع؟
– بدأ بمناطق في عدن ومأرب والمناطق المحررة
لأنه لا يستطيع العمل في مناطق تحت سيطرة الحوثي.
«المجلة»