كتابات وآراء


29 يوليه, 2015 03:16:00 ص

كُتب بواسطة : عبد الرحمن الراشد - ارشيف الكاتب


قوات الحكومة اليمنية، بمساندة قوات سعوديةوإماراتية، فعلت لأول مرة ما لم تفعله الجيوش العربية منذ نهاية الاستعمار، غيرت الوضععلى الأرض بالقوة. تحدت الأمر الواقع الذي فرضه المتمردون ودعمه الإيرانيون. حررت عدن،المدينة التي أطلقت شرارة الحرب، وظن المتمردون أنه بسقوطها ينتهي النظام اليمني الذينعرفه. كانت آخر المدن اليمنية، والعاصمة البديلة، وملجأ الرئيس والحكومة التي هربإليها من عاصمته صنعاء، بعد أن استولى عليها المتمردون الحوثيون وقوات الرئيس المعزولعلي صالح.

عدن حررت بالقوة ولا تزال صامدة، منذ تحريرها،بما يعزز الانطباع بأن مشروع الدولة الحوثية صار في مهب الريح.

الآن اكتشفوا أن استيلاءهم على عدن في نهايةمارس (آذار) المنصرم كان غلطة كبيرة كلفتهم ما استولوا عليه بالقوة وبالحيلة السياسية،ودفع مجلس الأمن إلى التصويت بالإجماع ضدهم، ورفض كيانهم ومشروعهم السياسي، وأعطى الضوءالأخضر لإعلان الحرب لتحرير كامل اليمن.

ومع أن الإجماع الدولي وقرارات مجلس الأمنكانت ضد الحوثيين، وداعميهم الإيرانيين، فإن الرأي الغالب حينها أنه لم يعد للشرعيةولا القرارات الدولية قيمة، طالما لا توجد دولة كبرى مستعدة للدفاع عن الإجماع والشرعية.لهذا كانت المبادرة العسكرية السعودية، مع التحالف الذي بنته، تجربة مختلفة على المستوىالإقليمي، وذلك في وجه الاحتمالات الصعبة مثل توسع الحرب باتجاه الداخل السعودي، والتدخلالعسكري الإيراني مع الاقتتال الإقليمي والدولي الذي يصاحب مثل هذه الحروب. في المقابل،فعل لا شيء، وعادة تسقط الشرعية عندما تسقط الدولة.

عدن هي المدينة الأولى في سلسلة معارك مقبلةشرسة على القوات الحكومية أن تخوضها، ولا يكفيها قدرات العسكريين على خوضها في تضاريسوعرة، ومناطق قبلية معقدة، بل ستتطلب مهارات سياسية ودبلوماسية عالية. الهدف من تحريرعدن ليس فصلها، بل إعادة توحيد اليمن في ظل دولة حقيقية، بعيدا عن حكم عصابات مثل الحوثيين.مهم أن تولي الحكومة اليمنية وحلفاؤها الكثير من الجهد لإقناع القوى الشمالية بالانضمامللشرعية والوقوف ضد الحوثيين وما تبقى من قوات المعزول، للتسريع ببقية مشروع تحريراليمن كله وإعادته دولة موحدة يحكمها القانون، ويقرر فيها الشعب من يريد أن يحكمه،برعاية دولية.

الخمسة أشهر التي وقع فيها معظم اليمن تحتحكم المتمردين، من حوثيين وقوات المعزول، أعطت الجميع فرصة لتقييم الوضع. فالحوثيونميليشيا تقوم على خرافات دينية تدعي حقا إلهيا بالزعامة، وحلفاؤهم من قوات المعزوللديهم مشروع واحد وهو الانتقام ممن وقف ضدهم في مظاهرات الربيع العربي، وأدى إلى إقصاءصالح من الرئاسة. وفوق هذا كله، هناك تصميم غير مسبوق على عدم ترك اليمن ليكون دولةتديرها عصابات وتنتهي مثل الصومال، ولا أن تكون دولة تابعة للنظام الإيراني، مخلب قطضد جارتها السعودية، في حرب إقليمية ستدوم لسنين طويلة. هذا التصميم برهنته الأحداثالأخيرة، واستمر حتى نزلت القوات الحكومية الشرعية في عدن محررة بالقوة، مدعومة بقواتسعودية وإماراتية، لتكمل طريقها شمالاً.