كتابات وآراء


26 يونيو, 2015 12:25:00 ص

كُتب بواسطة : عبد الرحمن الراشد - ارشيف الكاتب


 

منذ البداية، لم نتوقع الكثير من مؤتمر اليمن في جنيف الذي عقد برعايةالأمم المتحدة، وبإلحاح من أمينها العام. عُقد حصرًا على القوى اليمنية المتنازعة علىالحكم، وجلس مندوبو الدول المعنية خارج باب القاعة. بالنسبة للمعارضة، وتحديدًا المتمردينمن الحوثيين والرئيس المعزول علي صالح، اعتبروه فرصة للحصول على اعتراف دولي بهم، كأطرافشرعية. أما الحكومة اليمنية الشرعية، فقد وجدت أنها مضطرة لإرضاء الأمم المتحدة التيستحتاج إليها كثيرًا لاحقًا.

لكن جنيف لا تؤثر في صنعاء، ولن توقف انهيارات الدولة اليمنية. هذا التشظينتيجة تعدد القوى وتنازعها، وبسبب الفراغ السياسي، وعدم وجود حكومة مركزية على الأرض،فإن البلاد تسير في اتجاه الحالة الصومالية؛ حرب أهلية مع تنازع القوى الخارجية. فالحربالأهلية في الصومال بدأت منذ عام 1991 ولا تزال، دخلت فيها دول الجوار، وأرسلت لهاالولايات المتحدة قواتها، ولم تحسم. أخيرًا، تخلى عنها الجميع، ولم يعد أحد يهتم بهاما عدا أهلها الذين يصطلون بنارها كل يوم.

اليمن سينحدر إلى الأسوأ، وليس إلى الأهون، إن لم تقبل القوى المتقاتلةحلاً سياسيًا يجمعها في منظومة واحدة، بحقوق متماثلة. وهو الطرح الخليجي الأوروبي نفسه،الذي قبل به اليمنيون منذ ثلاث سنوات، ثم انقلب عليه الحوثيون بتحريض من إيران. وفياليمن حاليًا، رغم ما نراه من احتراب، قوى عديدة، معظمها لم تنخرط بقوة، وبعضها لمينخرط قط.

هناك قوى جنوبية انفصالية وأخرى تنازعها، وهناك قوى قبلية شمالية، وبالطبعيوجد تنظيم القاعدة المتربص، الذي سيسعى لتأسيس مناطق يقيم عليها حكمه، كما فعل شقيقهتنظيم داعش، في سوريا والعراق، إلى جانب القوى الثلاث؛ الحوثيين وصالح والحكومة الشرعية.

بالنسبة للحوثيين وصالح سيخسران حكم اليمن بسبب استمرار الاقتتال، لكنفي البداية شعور كل فريق أنه انتصر، بإفساد الحكم على الآخر. والحوثيون على وجه الخصوص،كانت لهم مزايا في الحكومة الماضية، أعني قبل الانقلاب، وكان لهم نفوذ يفوق حجمهم السياسي،لكن انخراطهم في لعبة الانقلاب، والطمع في كل الحكم، أفسد عليهم تلك الطبخة. لا أحدكاسب في الفوضى، ومع مرور الوقت، وفي حال فشل الأطراف اليمنية في التوصل إلى اتفاق،سيصبح اليمن مع الوقت حربًا منسية، كما يحدث في الصومال.

كذبة كبيرة إيهام اليمنيين أن العالم حريص ويريد حلها سلميًا، فالمنطقةمليئة بالأزمات والحرائق. ووهم كبير من يظن أن الفرقاء من إيرانيين وروس وغربيين سيظلونداعمين دائمين. سيكتشف اليمنيون، إن طال أمد الأزمة لعام وعامين وأكثر، أن الجميع قدانصرفوا عنهم إلى قضايا أخرى، وأنه حتى الأمين العام للأمم المتحدة، ومبعوثه، لن يرداعلى اتصالاتهم الهاتفية، كما أدرك ذلك الصوماليون في حرب ربع القرن بلا نهاية.

نخاطب قيادات اليمن المختلفة، شرعيّة ومتمردة، أن يفكروا لما بعد اليوم،وهذا العام، وخشية الانزلاق الدائم أن يفتشوا عن حل سياسي يجمعهم في نظام قابل للحياةوالاستمرار. دون ذلك سيكون صعبًا إصلاح علاقة الزجاج المكسور.