أخبار الإقليم

25 يوليه, 2015 01:43:42 م



إقليم عدن/ خاص:



مثلت عملية "السهم الذهبي" تحولا استراتيجيًا فارقًا على مستوى الحرب فى اليمن، على الرغم من كونها عملية خاصة ضمن مراحل عمليات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية استهدفت تحرير محافظة عدن والمديريات التابعة لها من سيطرة حركة الحوثيين وحلفائها التى اجتاحت الجنوب عبر بوابة عدن منذ نحو أربعة أشهر. ومن دون شك، فإن ما يزيد من أهمية تلك العملية هو أنها مهدت الطريق أمام عودة تدريجية لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادى إلى عدن كمحور ارتكاز لبسط سلطتها المعترف بها دوليًا، وهو ما يمثل هدفًا رئيسيًا للتحالف.



 



وربما يمكن القول إن إحدى أهم السمات الرئيسية لهذه العملية تتمثل في أنها تفادت مصير المعارك المماثلة التى تفتقد لتقييمات موضوعية لنتائجها، خاصة بعد أن اعترفت حركة الحوثيين بهزيمتها فيها. كما كشفت تلك العملية عن الدور المركزي الذي مارسه التنسيق الثنائي السعودي- الإماراتي، خاصة فيما يتعلق بعمليات الدعم النوعي للقوات المشاركة في العملية، وهو ما كان له تأثير مباشر في النتائج التي انتهت إليها.



 



عمليةنوعية:



 



تعتبر عملية "السهم الذهبي" أول عملية تتضافر فيها آليات المواجهة الشاملة فى الحرب، وذلك من خلال تبني الآليات التالية:



 



1- استخدام القوات البرية للمرة الأولى فى العمليات العسكرية من جانب قوى التحالف وبإدارتها عبر غرفة العمليات المركزية فى السعودية، رغم الدلالة الرمزية لإشراف الرئيس عبد ربه منصور هادى على العملية. وقد أشارت تقارير عديدة إلى أن القوة المشاركة في العملية وصلت إلى 1000 عنصر مدرب، معظمهم من المحافظات الجنوبية ومن الكوادر العسكرية التي قام نظام على عبد الله صالح بتسريحها من الجيش بعد حرب 1994. وقد ساهمت هذه القوات بشكل رئيسي فى حسم المعركة على الأرض، خاصة مع حرصها على التعاون مع قوات المقاومة الشعبية، حيث جرى التنسيق بينهما ميدانيًا.



 



2- تنفيذ عمليات التدريب والتأهيل والتسليح للطواقم البرية اليمنية في منطقة حدودية يمنية، مع إمدادها بمساعدات نوعية، حيث قامت الإمارات في هذا السياق، بتسليح هذه الطواقم بمعدات ثقيلة من أبرزها نحو 150 مدرعة عسكرية ظهرت للمرة الأولى فى محافظة عدن خلال عملية "السهم الذهبي".



 



3- اعتماد استراتيجيات التخطيط العسكرى الحديثة للعملية ميدانيًا، حيث كانت المقاومة الشعبية تعانى من فوضى التنسيق فضلا عن تدنى مستويات التأهيل للمعارك، بالإضافة إلى ضعف القدرات التسليحية. وقد كان لذلك تأثير مباشر على الأرض، حيث ساهم إلى حد كبير في نجاح أهداف العملية العسكرية ضد الحوثيين وحلفائهم، الذين فوجئوا بالتطور النوعي في مستوي تدريب وتسليح القوات المشاركة في العملية.



 



عناصر التفوق:



 



شكلت جملة من المتغيرات عناصر رئيسية فى نجاح عملية "السهم الذهبي" في تحقيق أهدافها ويتمثل أهمها في:



 



1- استفادت قوات التحالف من الخبرات التى تراكمت خلال فترة العمليات السابقة، وذلك عبر قراءة دقيقة لمسرح العمليات ومستوى وشكل تخطيط حركة الحوثيين والقوات التابعة للرئيس السابق علي عبد الله صالح، ومن ثم ركزت المرحلة الأولى من العملية على استهداف البنية التحتية العسكرية فى الجنوب من معسكرات تستخدمها ميليشات التمرد كمراكز انطلاق فى المعارك.



 



2- يوضح سير المعارك فى عملية "السهم الذهبي" أنه جرى التخطيط باستخدام عنصر المفاجأة للسيطرة أولا على المواقع الاستراتيجية والحيوية فى عدن وعبر أحد الثغرات التى تعد بمثابة نقطة ضعف لميليشات التمرد فى عدن وهى منطقة البريقا التى تطل على سواحل عدن، وفى إطار محدد تمت السيطرة على منطقة رأس عمران ذات الأهمية الاستراتيجية والتي تقع شمال منطقة البريقا ومن خلال مينائها جرت عملية الإنزال الرئيسية للقوات والمعدات الجديدة، ومنها تم الانطلاق للسيطرة على ميناء عدن.



 



تداعيات مختلفة:



 



ربما يفرض نجاح عملية "السهم الذهبي" جملة من التداعيات التي يمكن تناولها على النحو التالي:



 



1- تحقيق الهدف الرئيسي لقيادة التحالف المشتركة، وهو استعادة الشرعية، حيث تمهد العملية العسكرية الطريق أمام عودة تدريجية لسلطة الرئيس عبد ربه منصور هادى إلى عدن، خاصة بعد عودة 3 وزراء من حكومة خالد بحاح هم وزراء الداخلية والصحة والنقل، وهى وزارات استراتيجية يمكن أن تمارس دورًا رئيسيًا في الفترة القادمة، لا سيما في ظل الدمار الهائل الذى تعرضت له عدن خلال المعارك، حيث من المستهدف فى مرحلة أولى القيام بإعادة إعمار المدينة التى انهارت بنيتها التحتية ووقف حركة النزوح منها، وبشكل أساسى تأهيل المرافق الاستراتيجية والحيوية التى تساهم فى إعادة الاستقرار إلى المناطق المحررة كالمطار والميناء.



 



وبعبارة أخرى، يمكن القول إن عودة الوزراء الثلاثة إلى عدن في هذا التوقيت له مغزاه، بالنظر إلى أن الأولوية الآن تنصب حول تكريس حالة الأمن والاستقرار داخل عدن، وهو ما يبدو جليًا أيضًا في عودة بعض القيادات الأمنية إلى عدن، فضلا عن تهيئة المرافق الرئيسية أمام استقبال المساعدات الإنسانية، خاصة من جانب دول التحالف، ولا سيما الإمارات. وفي هذا الإطار، تتوقع بعض الاتجاهات أن تساهم كل من السعودية والإمارات بشكل رئيسي فى تمويل عملية إعادة الإعمار داخل اليمن خلال المرحلة القادمة.



 



2- دعم التحرك نحو تحرير اليمن من القوى المناوئة للسلطة الشرعية المتمثلة فى حركة الحوثيين وحلفائها. ومن المتوقع في هذا السياق، أن تستمر عمليات تحرير باقى محافظات ومناطق الجنوب التى سيطرت عليها الحركة، حيث تكشف مؤشرات عديدة عن قيام المقاومة الشعبية فى تلك المناطق بعمليات تنسيق واسعة لتنظيم صفوفها استعدادًا للمواجهات القادمة.



 



3- تقويض التمدد الإيرانى فى اليمن، خاصة مع تزايد احتمالات تطلع إيران نحو تصعيد دورها في المنطقة من خلال دعم حلفائها في مرحلة ما بعد الوصول إلى اتفاق نووي مع مجموعة "5 1" في 14 يوليو 2015.



 



4- منع إعادة إنتاج النموذج السوري سواء فى المعارك أو في المفاوضات، حيث ترى دول عديدة في التحالف، خلال الفترة الحالية، وبناء على ما أسفرت عنه نتائج مؤتمر جنيف، أن قوى التمرد تفتقد لأى رغبة في تسوية الأزمة ووقف الحرب، خاصة بعد فشل كثير من الاتفاقات التي وقعتها حركة الحوثيين منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014.



 



تحديات عديدة:



 



لكن ثمة جملة من التحديات أيضًا يتعين وضعها فى الاعتبار. فرغم اعتراف الحوثيين بالهزيمة فى معركة عدن، إلا أن ذلك لا يعنى بداية مرحلة الانهيار بالنسبة للحركة التى سوف تسعى، على الأرجح، إلى تعزيز وضعها فى الشمال وربما تعمل على تبني سيناريو فصل الشمال عن الجنوب ومن ثم إفشال أى اتجاه لتفعيل العملية السياسية وعرقلة تنفيذ مخرجات الحوار الوطنى كآلية رئيسية لتلك العملية.



 



فضلا عن ذلك، فإن ثمة عقبات عديدة تواجه عملية إعادة مأسسة الجيش النظامي على قاعدة إشراك الجنوبين فيهدون الشماليين على عكس ما فعله الرئيس السابق على عبد الله صالح بعد حرب 1994، لا سيما أن ذلك سوف يؤدي إلى حدوث خلل بنيوي يعيد إنتاج الأوضاع الراهنة نفسها مستقبلا.



 



في النهاية، يمكن القول إن النتائج التي انتهت إليها عملية "السهم الذهبي" سوف تفرض، في الغالب، تأثيرات مباشرة على توازنات القوى العسكرية داخل اليمن خلال المرحلة القادمة، بشكل ربما يكون له دور في تحديد المسارات المحتملة التي يمكن أن تنتهي إليها الأزمة في اليمن.



نقلا عن / المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية