أخبار الإقليم

13 يونيو, 2015 08:41:11 ص

إقليم عدن/ هبة القدسي الرياض- ناصر الحقباني:


أعلنت الأمم المتحدة تأجيل المشاورات في جنيف إلى يوم الاثنين بدلا من يوم غد الأحد، مشيرا إلى «ظروف غير متوقعة» تتعلق بوصول أحد الوفود اليمنية إلى جنيف مساء الأحد. لكن «الشرق الأوسط» علمت أن سبب التأجيل هو «تدافع» من قبل نحو 40 شخصية محسوبة على الحوثيين أرادوا كلهم ركوب الطائرة التي كانت تريد نقل الوفد الحوثي إلى جنيف أمس.


وقال مكتب الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة للصحافيين بأن الأمين العام بان كي مون ومبعوثه الخاص إسماعيل ولد الشيخ أحمد سيبدآن المشاورات مع الوفود اليمنية صباح الاثنين، حيث سيلتقي الأمين العام بان مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي وسفراء مجموعة الدول الـ16 الأحد، على أن يتحدث خلال مؤتمر صحافي بعد المشاورات الرئيسية يوم الاثنين.


وأعلن ستيفان دوغريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن سبعة مقاعد خصصت لكلا الجانبين في المشاورات التي تستضيفها الأمم المتحدة في جنيف، بين ممثلي الحكومة اليمنية الشرعية من جهة وممثلي المتمردين الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح من جهة أخرى، مؤكدا أن المشاورات ستجري بشكل منفصل بين الأطراف المعنية.


وقال دوغريك خلال المؤتمر الصحافي اليومي للأمم المتحدة في نيويورك «ستكون هناك مشاركة من ممثلي حزب المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي والناصريين وحزب التجمع اليمني للإصلاح، كما سيشارك ممثلون من حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وما نريده هو إجراء محادثات من دون شروط بما يؤدي إلى إعلان هدنة إنسانية بأسرع وقت ممكن لإنهاء معاناة اليمنيين». وحول التوقعات المنتظرة من مشاورات جنيف قال دوغريك «نحن واقعيون فيما يتعلق بالنتائج المتوقعة، والمعاناة اليومية للشعب اليمني يجب أن تذكر كل الأطراف بضرورة التوصل إلى تسوية سياسية».


وأشار دوغريك إلى إحصاءات منظمات الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة التي توضح احتياج 11.4 مليون يمني إلى ملاجئ بينهم 7.3 مليون من الأطفال وزيادة عدد الأشخاص المحتاجين إلى مساعدات غذائية لأكثر من 12.3 مليون شخص بما يمثل نصف سكان اليمن. وأشار دوغريك أن تلك الأرقام تشكل زيادة بنسبة 50 في المائة عن الأرقام السابقة في بدء العمليات العسكرية.


وعشية مؤتمر جنيف، تضاءلت الآمال في أن تؤدي تلك المشاورات إلى نتائج إيجابية حقيقية، مع عدم وجود مؤشرات حول امتثال الحوثيين واستعدادهم لتنفيذ قرارات مجلس الأمن وخاصة القرار 2216 الذي يطالبهم بالانسحاب من المدن وتسليم أسلحتهم. ووسط تصعيد عسكري متواصل من قبل ميليشيات الحوثي وأنصار الرئيس المخلوع صالح في محاولة لتعزيز وضعهم التفاوضي في مشاورات جنيف والحصول على اعتراف دولي بوجودهم كعنصر من المكونات السياسية في مستقبل اليمن.


وقال أحمد فوزي المتحدث باسم الأمم المتحدة بجنيف بأن الأمين العام بان كي مون سيعقد لقاءات مع الأطراف اليمنية والقوى الإقليمية قبل بدء المشاورات التي يتوقع أن تستمر لمدة ثلاثة أيام. وأوضح فوزي في بيان صحافي صباح أمس أن المبعوث الخاص لليمن سيجري محادثات منفصلة مع طرفي الصراع على أمل جمعهما على مائدة واحدة في نهاية المطاف. وأضاف: «ستنطلق المحادثات كمشاورات تقارب، أي أن المبعوث الأممي سينتقل في جولات مكوكية بين الطرفين أملا في أن يتمكن من جمعهما معا خلال تلك المشاورات». وتابع: «نأمل في أن تؤدي تلك المفاوضات إلى ديناميكية جديدة من شأنها بناء ثقة بين الأطراف اليمنية وتحقيق فوائد ملموسة لليمنيين خاصة وقف العنف وزيادة فرص الحصول على المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية».


ومن المقرر أن يفتتح الأمين العام للأمم المتحدة الجلسة الافتتاحية للمشاورات ويلقي خطابا يحث فيه جميع الأطراف على وضع مصلحة الشعب اليمني في أولوية اهتماماتهم وأن يعملوا بجهد للتوصل إلى أرضية مشتركة تمكن من الاقتراب من تسوية سياسية تؤدي إلى تنفيذ وقف لإطلاق النار وتنفيذ هدنة إنسانية خلال شهر رمضان تمكن المنظمات الإنسانية من توصيل المساعدات لمن هم في أمس الحاجة إليها.


وبالإضافة إلى الأطراف اليمنية يفترض أن يحضر سفراء وممثلو مجموعة الدول الـ16 الراعية للمبادرة الخليجية (تضم الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى ألمانيا واليابان وهولندا وتركيا والاتحاد الأوروبي).


وذكر مصدر دبلوماسي لـ«الشرق الأوسط» أن المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد يرغب في أن يعقد تلك المشاورات المنفصلة على أمل تقريب وجهات النظر وإيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف المتصارعة. وأضاف: «يحاول ولد الشيخ أحمد الحصول على تنازلات من جانب الحوثيين بحيث يعلنون استعدادهم للانسحاب من بعض المناطق الجنوبية ومن مدينة عدن كجزء من الجهود الأولية للتوصل إلى اتفاق، وبعد ذلك يمكن العمل على توفير أرضية تمكننا على المدى الطويل تحقيق تسوية سياسية حقيقية». وشكك الدبلوماسي في إمكانية إقدام الحوثيين على الانسحاب من عدن وبعض المناطق الجنوبية بسهولة، مشيرا إلى أن كلا الطرفين ليس مستعدا لتقديم تنازلات.


من جهته، ذكر ماثيس جيلمان، من المكتب الإعلامي التابع للأمين العام للأمم المتحدة، أن المشاورات ما زالت جارية مع جماعة الحوثيين حول قائمة ممثليهم السبعة، موضحا أن القائمة تضم ممثلين من حزب المؤتمر العام والحزب الاشتراكي وحزب الإصلاح.


وأوضحت مصادر أخرى بمكتب الأمين العام للأمم المتحدة أن جماعة الحوثيين تختلق الكثير من العقبات اللوجستية الصغيرة منها إصرارهم على الإقامة في فندق آخر غير الفندق الذي يقيم به ممثلو الحكومة اليمنية ومراوغتهم فيما يتعلق بأجندة الاجتماعات مع المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد وإصرارهم على عدم الاجتماع مع ممثلي الحكومة الشرعية ورغبتهم في أن يتم ترتيب اللقاءات المنفصلة بحيث تبدأ اللقاءات معهم أولا قبل المشاورات مع الوفد الحكومي اليمني، إضافة إلى طرح مطالب سبق وتراجعوا عنها في محادثات سابقة.


من جانبه قال السفير خالد اليماني مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد سيبحث مع الحوثيين في جنيف ما إذا كانوا راغبين في تنفيذ القرار 2216 وسحب قواتهم من المدن اليمنية أم لا، وإذا وافقوا سيتم بحث تنفيذ هدنة إنسانية بشرط أن يعلن الحوثيون أنهم سيتوقفون مهاجمة قوافل الإغاثة الإنسانية، وسرقة المساعدات الإنسانية وعرقلة توصيل تلك المساعدات إلى اليمنيين». وشدد اليماني على أن دول مجلس التعاون الخليجي والحكومة اليمنية يشككون في إمكانية تنفيذ هدنة إنسانية قابلة للاستدامة في اليمن، دون التزام واضح وصريح من الحوثيين بعدم انتهاك شروط الهدنة وعدم مهاجمة وسرقة المساعدات.


وحول المؤشرات السلبية للمشاورات القادمة في جنيف قال اليماني «حتى الآن، وقبل ساعات من بدء المشاورات لم يعط الحوثيون أي رسائل جادة حول تعاطيهم مع قرار مجلس الأمن 2216 واستمروا في محاولات الظهور بمظهر الضحية وأنهم مظلومون، في الوقت الذي يدرك العالم أنهم هم من انقلب على الشرعية الدستورية في اليمن، ولا توجد مؤشرات لدى الحوثيين باعتراف أنهم ارتكبوا جرما وقادوا اليمن إلى محرقة، ولا توجد مؤشرات بنوايا جادة لوقف القتل والتدمير بل يستمر الحوثيون في إيهام مناصريهم بانتصارات وهمية، ولم تظهر جماعة الحوثي أي مؤشرات للاعتراف بالسلطة الشرعية في اليمن التي يعترف بها المجتمع الدولي بأكمله».


وشكك اليماني في رغبة الحوثيين في تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 والانسحاب من المدن وتسليم أسلحتهم، وقال: «هذا شبه مستحيل؛ فلدى الحوثيين الغطرسة والتوهم أن لديهم القوة لمواصلة العمليات العسكرية بعدما دمروا صعدة».


وبين تمسك الموقف الحكومي اليمنية بضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن وتوقعات رفض الحوثيين لتنفيذه، تبدو الصورة ضبابية حول ما ستسفر عنه مشاورات جنيف، لكن اليماني رفض الإشارة إلى احتمالات فشل مشاورات جنيف فقال: «لا نريد استباق الأمور فإذا لم تخرج مشاورات جنيف بنتائج تؤدي إلى التقدم باتجاه الحل السياسي فإن العملية السياسية في اليمن ستدخل في بيات شتوي».


وأشار سفير اليمن لدى الأمم المتحدة إلى جهود عدة أطراف دولية لإقناع الحوثيين بأنه لا خروج من الأزمة الحالية إلا بالامتثال للشرعية الدولية. وقال: «هناك ضغط دولي كبير وعلى الحوثيين أن يتفاعلوا مع جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إسماعيل ولد الشيخ أحمد حتى يمكنهم الخروج من الأزمة وأن يتنازلوا عن أفكارهم وأجندتهم ببناء دولة ولاية الفقيه، إذ لا يمكن أن يقبل اليمنيون أن تقوم إيران بإدارة اليمن بل يريد اليمنيون أن يكون اليمن جزءا من التكامل الإقليمي والحشد الخليجي وجيرانا أوفياء للتوصل العرقي مع المملكة العربية السعودية».


وبخصوص الأعمال الإغاثية لليمن، التقى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في مقر إقامته بالرياض، أمس، ستيفان أوبراين وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية. وجرى خلال اللقاء بحث الوضع الإنساني في اليمن والأعمال الإغاثية والإنسانية التي تقوم بها الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها. وأوضح الرئيس هادي أن ميليشيات الحوثي وعصابة الرئيس المخلوع صالح تقوم بارتكاب جرائم حرب في كل من محافظات عدن والضالع وتعز ولحج وشبوة ومأرب والبيضاء وغيرها من المحافظات، ويجب عدم السماح باستمرارها. وأعرب الرئيس هادي عن أمله في أن تقوم الأمم المتحدة بدور فعال في تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للشعب اليمني. وأكد أن تحسين ظروف اليمنيين هي من أهم القضايا التي تشغل الحكومة. وأوضح أنه وجه الحكومة لتسهيل كل الإجراءات لضمان وصول المساعدات الإنسانية لأبناء الشعب اليمني.


من جهته، أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة حرص المجتمع الدولي على تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لأبناء الشعب اليمني، مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة تعمل مع جميع الدول على تقديم الدعم الإنساني خاصة الأدوية والمواد الغذائية عبر المنظمات التابعة للأمم المتحدة المختلفة، وتقديم المساعدات لليمنيين اللاجئين في جيبوتي.


وتشير التقديرات إلى أن نحو ألفي شخص قتلوا في اليمن منذ بداية القصف الجوي لقوات التحالف في مارس (آذار) الماضي وأجبر القتال أكثر من نصف مليون يمني عن النزوح من مدنهم. وتحذر منظمات الإغاثة الإنسانية من النقص الحاد في الغذاء والوقود والاحتياجات الطبية مع انعدام الأمن وصعوبة توصيل المساعدات الإنسانية وقيام ميليشيات الحوثيين بالاستيلاء على شحنات الغذاء والأدوية. وأشارت منظمة الصحة العالمية في تقرير حديث عن تفشي حمى الضنك في اليمن مند أواخر مارس الماضي. وقدرت عدد المصابين بنحو ثلاثة آلاف مصاب، فيما حذرت منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة من أن أكثر من 80 في المائة من سكان اليمن في حاجة ملحة للمساعدات الإنسانية