أخبار الإقليم

20 فبراير, 2015 03:20:01 ص

صنعاء: عرفات مدابش - واشنطن: محمد علي صالح :

استبق الحوثيون الذين يسيطرون على السلطة في اليمن أمس، قرارات مجلس الامن التي صدرت أمس، بالتاكيد على انهم لن يرضخوا لأي تهديدات، كما استخفوا بمقررات الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي المنعقد، أول من أمس، في العاصمة السعودية الرياض، في الوقت الذي يواصلون فيه قمع المتظاهرين المحتجين على انقلابهم على السلطة في صنعاء.


بدوره، أعلن نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد بن حلي أن وزراء الخارجية العرب سيعقدون اجتماعا طارئا الأربعاء المقبل في القاهرة لبحث الأوضاع في اليمن. وقال إن «الهدف من الاجتماع هو النظر في آخر تطورات الأوضاع الخطيرة والمستجدة على الساحة اليمنية».


وقال محمد عبد السلام، الناطق الرسمي باسم حركة «أنصار الله» الحوثية، حول ما جاء في البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الخليجي: «ليس مفاجئا أن يصدر بيان وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي برفض الإعلان الدستوري»، واعتبر أنه «لا جديد في موقفه هذا لأنه سبق وأصدر مثله وأكثر منه في أوقات سابقة، والشعب اليمني يعرف تماما أن مواقف بعض هذه الدول هو نابع من البحث عن مصالحها السياسية، وليست لمصلحة الشعوب المستضعفة».


وقال عبد السلام إن «الشعب اليمني لن يركع أمام أي تهديد أو وعيد».


وكان مجلس التعاون الخليجي دعا في بيان السبت الماضي مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة في اليمن ورفض الإعلان الدستوري و«محاولات فرض الأمر الواقع بالقوة». وحذت منظمة التعاون الإسلامي حذو الخليجيين وأصدرت بيانا يرفض «انقلاب» الحوثيين، وطالبت بقرار دولي تحت الفصل السابع.


ودعا مجلس الأمن من الحوثيين إعادة السلطة للشرعية لفي اليمن كما طلبوا منهم «فورا، ودون قيد أو شرط» سحب قواتهم من المؤسسات الحكومية، وإطلاق سراح الرئيس عبد ربه هادي، وأعضاء حكومته، وبداية محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة «بحسن نية».


لكن القرار الذي صدر في وقت متاخر امس، لا يشمل طلب دول مجلس التعاون الخليجى استعمال الفقرة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة الذي يخول استعمال القوة لإنهاء سيطرة الحوثيين على اليمن.


قدم مشروع القرار بعد يومين من تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أمام مجلس الأمن بأن اليمن «ينهار أمام أعيننا».


وحسب وكالة «رويترز»، اشترك الأردن، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، مع بريطانيا في إعداد وتقديم مشروع القرار.


ويستنكر مشروع القرار «بشدة» تصرفات الحوثيين للاستيلاء على المؤسسات الحكومية، بعد الاستيلاء على صنعاء، وأيضا، حل البرلمان، وإقالة الرئيس هادي.


ويطلب مشروع القرار من «جميع الأطراف» في اليمن «وقف جميع الأعمال العدائية المسلحة ضد الشعب، وضد السلطات الشرعية في اليمن، والتخلي عن الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية في اليمن».


ويدعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى «الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى إثارة الصراع وعدم الاستقرار».


وبحسب دبلوماسيين غربيين، فإن روسيا غير متحمسة لفرض عقوبات على الحوثيين، لا سيما أنها هي نفسها تخضع لعقوبات أميركية وأوروبية منذ ضمت شبه جزيرة القرم الأوكرانية.


وأوضحت المصادر الدبلوماسية أن مشروع القرار «كتب بالحبر الأزرق»، وهو مصطلح يعني في قاموس الأمم المتحدة أن مشروع القرار بات جاهزا لإحالته إلى التصويت، وهو ما كان يتوقع حصوله مساء أمس الأحد.


في غضون ذلك، أكد مراقبون لـ«الشرق الأوسط» أن «دول مجلس التعاون الخليجي تستطيع اتخاذ إجراءات لحماية أمنها ومصالحها، لكنها لا ترغب في أن يتعرض الشعب اليمني لمزيد من المعاناة، وفي الوقت ذاته، سوف تكون مضطرة إلى التصرف حيال ما يجري في اليمن، وهي حريصة، حتى اللحظة، على عودة كل الأطراف إلى الحوار والتسوية السياسية في ضوء المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية».


وأشار المراقبون إلى أن «التحويلات المالية التي تصل إلى اليمن فقط من المملكة العربية السعودية، إذا توقفت كفيلة بهز الاقتصاد اليمني المتعثر أصلا، فما بالنا بالمساعدات الاقتصادية الكبيرة التي تقدم من دول الخليج والدول الغربية».


وذكر المراقبون أن «المجتمع الدولي لن يسمح بابتزاز الشعب اليمني من قبل قلة لتتحكم بمصيره، وبابتزازه (المجتمع الدولي) باسم الشعب اليمني»، وقال المراقبون الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» إن «الحوثيين لن يستطيعوا إدارة الدولة اليمنية بمواردها المحدودة والمهددة بالتوقف من قبل أبناء المناطق الأخرى، والنفطية تحديدا، التي لا تخضع لسيطرة الحوثيين، حاليا، والذي سيضطرون، في المستقبل القريب، إلى استخدام القوة لإخضاع تلك المناطق، بدليل شحنات الأسلحة التي تصلهم من روسيا وإيران».


من جهة ثانية أعرب المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر عن أسفه لما تردد في بعض وسائل الإعلام بأنه كان على صلة بـ«الإعلان الدستوري» الذي أصدره الحوثيون، حسبما جاء على لسان قيادي حوثي، مشددا في بيان صادر عن مكتبه على أنه لم يكن طرفا في الإعلان الدستوري، وأنه «يقف على نفس المسافة من جميع الأطراف السياسية»، وأنه يؤكد استمراره في القيام بمساعيه الحميدة لتيسير الحوار، وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء من أجل الوصول إلى اتفاق يخرج اليمن من المأزق الخطير الحالي «وهو مأزق ما كان ليصل إليه اليمن لو التزمت كل المكونات والأحزاب السياسية بالمرجعية التي توافق عليها اليمنيون والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة».


وأعرب المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن عن قلقه إزاء الأنباء التي تتحدث عن تضييقات يتعرض لها الصحافيون أثناء أداء مهامهم، ودعا جميع الأطراف السياسية، خاصة تلك التي توجد في مؤسسات الدولة، إلى احترام حق اليمنيين في الوصول إلى المعلومة من خلال احترام حرية التعبير والإعلام وتقديم التسهيلات اللازمة للصحافيين لأداء مهامهم.


 وأكد أن «مسألة الحقوق والحريات، ومن بينها حرية التعبير والصحافة والحق في الوصول إلى المعلومة، مطروحة على المفاوضات الجارية بين مختلف الأطراف السياسية، وأن التشديد على احترامها وتعزيزها لا بد أن يكون جزءا لا يتجزأ من أي اتفاق سيتم التوصل إليه»، كما أكد أن أبوابه ستظل مفتوحة للصحافيين بكل مشاربهم.



وكشف المبعوث الأممي عن لقاءات أجراها، أمس، والأيام الماضية مع رئيس الحكومة المستقيلة خالد محفوظ بحاح، ووزير الخارجية المستقيل عبد الله الصايدي، كل على حدة، وقال «بالموازاة مع إشرافي على عملية التفاوض الجارية مع المكونات والأحزاب السياسية لإيجاد حل سلمي وتوافقي للأزمة الحالية التي تلقي بظلال ثقيلة على الوضع السياسي والأمني والاقتصادي لليمن، واصلت لقاءاتي مع المسؤولين اليمنيين والفعاليات الاجتماعية والقبلية.


وفي هذا الإطار، التقيت يوم السبت الماضي مع رئيس الوزراء السيد خالد بحاح، ومع وزير الخارجية السيد عبد الله الصايدي، كل على حدة، وناقشت معهما الأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة وسبل إيجاد مخرج آمن لليمن يجنبه ويلات الصراع والانزلاق نحو الاحتراب الداخلي».


وأردف «كما ناقشت معهما سبل إعادة العملية السياسية إلى المسار التوافقي الذي رسمت خارطة طريقه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة، وقد أكدت لهما أن تقييد الحركة المفروض عليهما غير مقبول، وأننا لم نتوقف عن الدعوة إلى رفعه بشكل فوري وغير مشروط».


وأشار بنعمر إلى أنه التقى، أمس، وزيرة الإعلام المستقيلة نادية السقاف، وناقش معها فضلا عن الأوضاع الراهنة وسبل حل الأزمة السياسية، آخر التطورات في المشهد الإعلامي اليمني ووضع مؤسسات الإعلام التابعة للدولة.


وقال «اتفقنا على ضرورة احترام الجميع لحرية الصحافة وعدم المساس بأمن وسلامة الصحافيين، وكذا على ضرورة أن يضطلع الإعلام بمسؤولياته الوطنية في هذا الظرف العصيب بحرية تامة ولكن أيضا بمسؤولية»، كما أشار إلى أنه تواصل، الأسبوع الماضي، في لقاءين منفصلين مع شباب مأرب ومع رئيس تحالف قبائل حضرموت الشيخ عمرو بن علي بن حبريش.


وأضاف «بعد الاطلاع على الأوضاع في المحافظتين، تم الاتفاق على مواصلة الجهود لحل المشاكل القائمة عبر الحوار، ومن خلال الطرق السلمية، من أجل تجنيب أبناء المحافظتين الدخول في نزاعات قد تمتد تأثيراتها السلبية إلى كل أرجاء اليمن بالنظر لوزن مأرب وحضرموت في النسيج السياسي والاقتصادي والاجتماعي لليمن».


ويتعرض المبعوث الأممي إلى حملة في وسائل إعلامية يمنية متعددة بسبب عدم إدانته الصريحة لـ«انقلاب» الحوثيين على السلطة، واعتباره الإعلان الدستوري «تصرفا أحادي الجانب»، وذهبت بعض وسائل الإعلام إلى اتهامه بتوفير «غطاء شرعي» للانقلاب الحوثي. وكان رئيس المجلس السياسي لحركة «أنصار الله» الحوثية أعلن في تصريحات صحافية أن «الإعلان الدستوري» صدر بالتوافق والتشاور مع بنعمر.


في هذه الأثناء، أكدت مصادر محلية في محافظة إب، بوسط اليمن، لـ«الشرق الأوسط» أن ميليشيا الحوثيين واصلت، أمس ولليوم الثاني على التوالي، قمع المتظاهرين الرافضين للانقلاب الحوثي على السلطة، وأن تلك الميليشيا استخدمت الرصاص الحي في تفريق مظاهرة أمام إدارة أمن المحافظة، وأكد شهود عيان سقوط جرحى، بعضهم في حال خطرة، هذا في الوقت الذي يواصل فيه الحوثيون عمليات الاعتقالات والدهم للمنازل في عدد من المحافظات، فقد أكدت مصادر في محافظة الحديدة مداهمة منزل زعيم «الحراك التهامي»، واعتقال اثنين من أشقائه وشخص ثالث، وأيضا اعتقال رئيس مؤسسة الزهراء، محمد سعد الحطامي من وسط المدينة أثناء عودته إلى منزله، وأفرجت الميليشيا عن اثنين من أطفال الحطامي كانا برفقته بعيد وقت قصير على اعتقاله.