فــن وثــقـــافـة

22 فبراير, 2024 08:24:43 م

هل تخشى أن يستبدلك "تشات جي بي تي" في العمل؟ كيف ستشعر لو أخبرك الطبيب أنه اعتمد على الذكاء الاصطناعي في تشخيص أعراضك؟ وهل ستغير رأيك بعمل فني أعجبك لو علمت أن الفنان استعان بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحضيره؟

قد تبدو هذه الأسئلة وكأنها مستقاة من قصص الخيال العلمي لكنها أصبحت مؤخرا واقعا معاشا أو وشيكا وخاصة بعد إصدار شركة "OpenAI" لتطبيق المحادثة "تشات جي بي تي" منذ سنة ونيف. حيث يقوم على نوع من الذكاء الاصطناعي يعرف بالذكاء الاصطناعي التوليدي (أو المولد). وكما يوحي الاسم، يتميز هذا النوع التوليدي بإنتاج وتوليد معطيات جديدة قد تكون نصا أو صورة أو صوتا.

سؤال استبدال الآلة للبشر في العمل سؤال قديم حديث يطرح كلما وصلت البشرية لنقطة تحول في طرق الإنتاج مثل الثورة الصناعية والأتمتة بالحاسب ويعاد طرحه هذه الأيام بقوة بعد شيوع تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي

وهذا النمط التوليدي من الذكاء الاصطناعي ليس اختراعا حديثا (نسبيا على الأقل) ولكن توفر البيانات والتقدم التكنولوجي في الفترة الأخيرة أدى إلى سهولة تطوير النماذج التوليدية مما نتج عنه هذه النقلة النوعية التي نرى أثرها من حولنا. وقد يذكر البعض ضجة مماثلة منذ حوالي السنتين أحدثتها نماذج توليدية أبهرتنا بقدرتها على خلق التصاميم وتعديل الصور (ميد جورني مثلا).


إن أهم ما تتميز به هذه النماذج وتطبيقاتها أنه حتى من لا يملك أي مهارة فنية أو تقنية في استخدام برامج التصميم أصبح بين ليلة وضحاها من خلال تلقين النموذج بنص أو صورة قادرا على توليد تصاميم جرافيك أو صور معدلة تبدو وكأنها محضرة من محترف، فهل تتحقق نبوءات الخيال العلمي وتحل الآلة التي صنعناها بأيدينا محلنا في العمل؟

سؤال استبدال الآلة للبشر في العمل سؤال قديم حديث يطرح كلما وصلت البشرية لنقطة تحول في طرق الإنتاج مثل الثورة الصناعية والأتمتة بالحاسب ويعاد طرحه هذه الأيام بقوة بعد شيوع تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي.



يتوقع أن تتسبب تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة في تغيير طبيعة بعض المهن وفي إلغاء بعضها بشكل كلي في المستقبل. ولكنها أيضا ستفتح آفاقا جديدة للتعلم والإبداع والعمل لم تكن موجودة من قبل في مجالات تقنية وغير تقنية، ولعل توفر تطبيقات الذكاء الاصطناعي يكون بديلا عن خدمات حيوية غير متوفرة في ظروف معينة مثل تقديم الدعم في أوقات الحروب أو الكوارث الطبيعية. وفي البلدان النامية والبيئات ذات الدخل المنخفض سيكون لتطبيقات الذكاء الاصطناعي دور مهم في خلق فرص للتعليم والتدريب والإبداع لا تتوفر عادة إلا في البلدان الغنية ولمن لديه الإمكانات المادية، فهل نتصور كيف سيكون حالنا لو استطاع المبدعون في بلادنا إنتاج أعمال فنية تحكي قصصنا دون أن تكون مرهونة بتوفر ميزانيات شركات الإنتاج؟ وكيف سيتغير العالم لو استطاع كل طفل في أي بلد ومهما كان مستوى الدخل التواصل مع مدرس خاص به يعلمه اللغات والعلوم متوفر ليجيب عن أسئلته دون كلل أو ملل في أي وقت؟

يعد الذكاء الاصطناعي التوليدي بفتح آفاق واسعة لتحسين ظروف الحياة والعمل لنا جميعا وفي مجالات متعددة لا حصر لها.


يعد الذكاء الاصطناعي التوليدي بفتح آفاق واسعة لتحسين ظروف الحياة والعمل لنا جميعا وفي مجالات متعددة لا حصر لها. ومع أن كثيرا من هذه التطبيقات ما يزال في حيز التطوير فإن نتائجها تحمل وعودا مبشرة بتغيير حال العمل ليصبح أعلى جودة وأسرع إنجازا وأكثر سلامة، ومع التطور السريع لهذه النماذج فإن التغييرات في مجال الأعمال ستلحق لا محالة ولكن بصورة أبطأ توازن الكلفة والجودة مع حاجات السوق وطرق الإنتاج الحالية. أما عن سباقنا مع ذكاء الآلة فهو في حقيقته سباق للإنسان مع نفسه ولعل تبني روح التطوير والتعليم المستمرين هو الطريقة الأفضل لضمان اللحاق والسبق.